هيومن رايتس ووتش/المغرب .. غطاء حقوقي هش لمواقف سياسية متحاملة
رغم أن التعريف بمنظمة “هيومن رايتس ووتش” متاح على صفحاتها ومواقعها، إلا انه من المفيد إضافة معلومات أخرى أساسية وهي أيضا مستقاة من التقارير السنوية التي تنشرها المنظمة، ولكن قلما يتم التوقف عندها وتتعلق هذه المعطيات بمستوى الأجور التي يحصل عليها العاملون في المنظمة.
متوسط راتب موظفي هيومن رايتس ووتش هو 84.269 دولارًا، ويتراوح الراتب من 52.863 دولارًا إلى 300.000 دولار أي حوالي ثلاثة ملايين درهم سنويا !! مما يعني أننا لسنا بصدد الحديث عن أشخاص يقومون بعمل تطوعي، بل من الواضح أن الحافز الأساس الذي يستقطب مجموعة “حقوقيي” و”مناضلي” هيومن رايتس ووتش للاشتغال داخلها هو مستوى أجورها المرتفع جدا والذي يتجاوز، كما هو مثبت في موقعها، متوسط أجور كبريات الشركات في كل الدول التي تتواجد فيها، ومن البديهي أن احتمال أن يكون هدف هؤلاء المناضلين هو الحفاظ على أجورهم ولو أدى بهم الأمر إلى اعتماد أسلوب الإثارة وتضخيم أو خلق تجاوزات حقوقية لتبرير استمرار عملهم و الحاجة اليهم !
في “التقرير العالمي 2021” الذي أصدرته “هيومن رايتس ووتش” حول ممارسات حقوق الإنسان في حوالي 100 دولة خصصت المنظمة حيزا للمغرب تحت عنوان المغرب “الصحراء الغربية أحداث عام 2020″، وليس من المبالغة أبدا وصف التقرير بأنه متحامل ويفتقر إلى الحد الأدنى من المهنية، كما أن التقرير تجاوز مرحلة إعداد لائحة اتهامات إلى إصدار أحكام نهائية مبرمة.
ولأنه يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق، فإننا سوف نكتفي بمناقشة فقرة واحدة من فقرات هذا التقرير الفضيحة للوقوف على كمية من الأخطاء والتجاوزات الكافية لدحضه وإسقاط المصداقية عن كاتبيه. وهذه الفقرة هي الفقرة المعنونة ب “الصحراء الغربية”.
كتب خبراء “هيومن رايتس ووتش” في بداية هده الفقرة الجملة التالية : “يقترح المغرب على الصحراء الغربية قدرا من الحكم الذاتي تحت سيادته، لكنه يرفض أي استفتاء على الاستقلال، الذي اتفق عليه أطراف النزاع في سياق وقف إطلاق النار بوساطة الأمم المتحدة في 1991.” ويزعم التقرير بأن المغرب يرفض أي استفتاء، وهو أمر ينافي الحقيقة تماما، بينما الحقيقة المعلومة لدى الجميع هي أن الأمم المتحدة خلصت منذ سنة 2000 إلى استحالة تنظيم الاستفتاء كما جاء في تقرير أمينها العام لتلك السنة، السيد كوفي عنان، إضافة إلى أن كل قرارات مجلس الأمن منذ سنة 2007 استبعدت الاستفتاء من التداول باعتباره حلا غير ممكن التنفيذ. إذا فتبني “هيومن رايتس ووتش” لزعم أن المغرب يرفض الاستفتاء لا يمكن تفسيره بجهل المنظمة بمجريات الملف وتطوراته ولكن يمكن تفسيره فقط بتبنيها لموقف سياسي وتعمدها استغلال الغطاء الحقوقي لتمريره ضدا على الواقع وعلى تقارير الأمناء العامين للأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن.
ختمت “هيومن رايتس ووتش” فقرتها حول الصحراء المغربية بمقطع عن المعتقلين الذين تمت إدانتهم بسبب ثبوت مسؤوليتهم عن مقتل 11 عنصراً من القوات العمومية المغربية غير المسلحة، والتمثيل بجثثهم، أثناء عملية تفكيك مخيم “إكديم إزيك” والتي أسفرت كذلك عن عدد من المصابين بجروح متفاوتة الخطورة بلغ 70 فرداً من القوات العمومية، بينما لم تقع سوى أربعة إصابات في صفوف المدنيين.
وبالرغم من كون المحاكمات كانت مفتوحة أمام المراقبين الدوليين وبالرغم من كل الأدلة التي تثبت تورط المدانين وعلى رأسها أشرطة الفيديو التي توثق للجرائم المقترفة، فإن المنظمة كتبت في تقريرها المغالطات التالية: “في 2020، ظل 19 رجلا صحراويا في السجن بعد إدانتهم في محاكمتين جائرتين عامي 2013 و2017 بقتل 11 عنصرا من قوات الأمن، خلال اشتباكات اندلعت بعد أن فككت السلطات بالقوة مخيما احتجاجيا كبيرا في أكديم إزيك، الصحراء الغربية، في 2010. اعتمدت كلتا المحكمتين بشكل شبه كامل على اعترافاتهم للشرطة لإدانتهم، دون التحقيق بجدية في مزاعم أن المتهمين وقعوا على اعترافاتهم تحت التعذيب. أيّدت محكمة النقض، أعلى هيئة قضائية في المغرب، حكم الاستئناف في 25 نوفمبر/تشرين الثاني” .
وفي احتقار وتجاهل كبيرين لحزن عائلات الضحايا الأحد عشر، لم تدرج المنظمة ولو عبارة واحدة تدل على احترامها لحق هؤلاء الشهداء في الحياة مع أن الحق في الحياة هو أسمى حقوق الإنسان.
استعمال العمل الحقوقي النبيل كغطاء لبلوغ غايات سياسية غير نبيلة ليس حكرا على “هيومن رايتس ووتش” أو على مثيلاتها من المنظمات الدولية مثل “أمنسي”، لكن خصوصية هذه المنظمات هو أنها تعتقد أنها تستطيع لعب نفس الدور الذي كان يلعبه قناصل الدول الأوروبية نهاية القرن 19 وبداية القرن العشرين في بعض الدول الضعيفة التي كان من ضمنها المغرب، وأنها تستطيع انتهاك سيادة الدول وفرض أجنداتها وسياساتها كما تشاء، إضافة إلى بسط حمايتها على بعض المواطنين بزعم أنهم مناضلون حقوقيون أو صحفيون يقودون معركة الحريات. والأدهى أن هناك من لا يزال يعتقد أن امتلاكه جواز سفر”أحمر” أو توفره على علاقة متميزة مع موظف في منظمة دولية تجعل منه مواطنا فوق القانون وفوق بلده.
مغرب اليوم أقوى من مغرب الأمس وقناصل اليوم أوهن وأضعف من قناصل الأمس والدفاع عن الحريات أصبح متاحا من الداخل وفي ظل المؤسسات وأمام القضاء المستقل عن باقي السلط.