خبراء: الديناميات التنموية بالأقاليم الجنوبية أبلغ مثال على وجاهة توجهات المملكة
كومينة يكتب: إسبانيا سعت إلى تكوين دويلة محكومة بالعملاء في أقاليمنا الجنوبية
قبيل مثول المجرم ابراهيم غالي، افتراضيا، أمام القضاء الاسباني جرى تبادل من نوع خاص بين الحكومتين المغربية والاسبانية. بلاغ وزارة الخارجية المغربية جاء في هذا التوقيت الدقيق لوضع النقط على الحروف بشان عدد من نقط الخلاف بشكل مسبوق، مع استعمال لغة دبلوماسية تجعل قضية الصحراء المغربية في موقع اولوي، وكان بحق بلاغا موفقا مضمونا وشكلا وله قدرة على إقناع أطراف متعددة خارج المغرب بمطالبه المنطقية للمستعمر الاسباني السابق للصحراء المغربية.
هذا الأخير الذي يستمر في التصرف انطلاقا من حسابات قديمة ومتقادمة، إذ انه سعى إلى تكوين دويلة محكومة بالعملاء في أقاليمنا الجنوبية تكون تابعة له، وأسس لهذه الغايات تنظيمات يخترقها المخبرون، من أمثال غالي، ويكون بإمكانه استغلال ثرواتها البحرية والبرية وجعلها ملحقة لجزر الكناري فعليا. وكان في نيته إلحاق ضرر بليغ بالاقتصاد المغربي، كما كشفت عن ذلك كابلات ويكيليكس، بالدفع إلى مضاعفة إنتاج فوسفاط بوكراع إلى سبعة أضعاف وغزو الأسواق التي يصلها الفوسفاط المغربي امتدادا للتخريب الذي كان يمارس من سبتة ومليلية المحتلتين بواسطة تهريب السلع، بما فيها الفاسدة والخطيرة على الصحة، و كذلك تهريب المخدرات وتبييض أموالها في الابناك والعقار باسبانيا.
رئيس الحكومة الاسبانية لم يتأخر في الرد على البلاغ المفحم، مستغلا استقبالا رسميا، لكن رده بيّن أن الرجل لم يقرأ البلاغ المغربي الراقي وإنما اخبِر بمضمون غير المضمون الوارد فيه، والواضح تمام الوضوح، والاحتمال الأكثر ترجيحا أن من أخبرته هي وزيرة الخارجية لايا، التي بات عداؤها للمغرب مكشوفا إلى حد أن وزير خارجية الجزائر بوقادوم قد اعتبرها ناطقة باسم الحكومة الجزائرية بعد اجتماعه بها وخروجهما للإدلاء بتصريحات للصحافة قبل واقعة بن بطوش، وهي من دست، احتمالا، قضية الهجرة التي ركز عليها سانشيز مهاجما البلاغ المغربي، في حين لم ترد أي إشارة صريحة آو ضمنية إليها في ذلك البلاغ.
هذا ما جعل وزارة الخارجية المغربية تصدر، في نفس اليوم، بلاغا ثانيا يرد على تصريحات رئيس الحكومة الاسبانية يضع النقط على الحروف ويبين لسانشيز أن تصريحاته كانت خارج السياق ولم تجب على الأسئلة المطروحة ولم تبرز أن اسبانيا فعلا حريصة على شراكتها الإستراتيجية مع المغرب التي لا ترتبط بها شراكته مع الاتحاد الأوروبي المتواصلة والمتطورة مند 1969 عندما وقع المغرب مع المجموعة الأوروبية السابقة، بأعضائها الستة التي لم تكن من ضمنهم اسبانيا، أول اتفاقية شراكة، ذات طابع تجاري، سنة 1969 بعد مفاوضات انطلقت سنة 1963، وهي الاتفاقية التي تم تعويضها باتفاقية التعاون سنة 1976 في إطار السياسة المتوسطية الأوروبية التي اعتمدت بعد أول توسيع للمجموعة، لم يشمل اسبانيا، وتم تعديلها ببروتوكول تكميلي في اواخر ثمانينات القرن الماضي مراعاة لمصالح المغرب بعد التحاق اسبانيا والبرتغال بتلك المجموعة وأيضا اعتماد l’acte unique في إطار تنفيذ سلة جاك دولور التي هيأت لاتفاقية ماستريخت وإعلان الاتحاد الأوروبي.
وغير خاف أن اسبانيا، حتى وهي تستفيد ثنائيا ثم أوروبيا، من اتفاقيات الصيد في مياه المغرب الإقليمية ومن السوق المغربية لم تكن إلا لماما خارج الصف المعادي للوحدة الترابية للمغرب، لأنها تحن إلى فترة استعمار الأقاليم الجنوبية، التي تركتها صحراء قاحلة، وترغب في الهاء المغرب عن المطالبة باسترجاع سبتة ومليلية المحتلتين والجزر المتوسطية الثمانية الرازحة تحت الاستعمار الاسباني العتيق والمفارق للعصر إلى الآن. ولم يكن استقبالها للمجرم بن بطوش بطريقة مخزية ولا تليق بدولة متحضرة وحده السلوك العدائي الذي برز خلال تولي الائتلاف الحكومي الحالي في اسبانيا، بل إن هناك تراكمات أفاضها ذلك الاستقبال، بحيث تبين أن الحكومة الاسبانية باتت تنسق وتتآمر مع نظام الجنرالات الذي ينيخ بكلكله على الشعب الجزائر إلى حد أن بوقادوم نصب، في إطار مناورة مكشوفة وموجهة لم تدركها ربما محدثته، أن وزيرة خارجية اسبانيا لايا متحدثة باسم الجزائر كما سلف.
وهناك أكثر من مصدر يشير إلى أن هذه السيدة تتصرف برعونة تجاه المغرب وبشكل يناقض التوجه السائد وسط الخارجية الاسبانية التي تولاها وزراء من العيار الثقيل وأيضا لدى أطراف داخل الحكومة الاسبانية، باستثناء من يمثلون بوديموس ومن يقتربون منهم، ولبوديموس علاقات متشابكة مع النظام الجزائري والانفصاليين، تتداخل ومصالح خاصة وحزبية، وأيضا مع فنزويلا وجنوب افريقيا وايران، أي مع الإطراف المعادية للمغرب التي لم تدخر جهدا لإسقاط الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء كما فعلت الحكومة الاسبانية بلا ادني مراعاة لأي شيء وللشراكة والمصالح والجوار…
هل يكون حوار الطرشان في هذا اليوم بداية انفراج الأزمة أم بداية فصل جديد من فصولها؟ ذلك ما ستبديه الأيام القليلة المقبلة التي ستتميز ولا شك بزخم خاص.