لسنا محمية تابعة لأي بلد..

قد يعتقد البعض أن التصريحات الملغومة للمتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، جاءت بفعل حرص أمريكا المزعوم على حماية حقوق الإنسان دوليا، و أن الإدارة الديمقراطية تضع أجندة حقوق الإنسان والحريات كمحرك أساسي لسياستها الخارجية، وقد يذهب البعض للاعتقاد أن البيت الأبيض فعلا يهتم لوضعية سليمان و عمر و إلا لما نطق اسميهما و عبر عن قلقه العميق …

 لكن الحقيقة البشعة، تختلف كليا عن كل هذه التأويلات الوردية… جو بايدن ليس كابتن أميريكا و البيت الأبيض قطعا لم يكن و لن يكون في يوم من الأيام ملاكا حارسا للقيم الكونية و المثل العليا..

الأمر واضح، هناك حرب اقتصادية مستعرة بين الصين وأمريكا، إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن انتهجت أسلوباً جديدا في التعامل مع المد الصيني لمحاولة احتوائه لا مهاجمته، النهج الأمريكي الجديد يتجه لحشد حلفاء واشنطن و حثهم على فك الارتباط الاقتصادي مع الصين والابتعاد عنها و تحذيرهم من عواقب التعاون معها، أمريكا ببساطة تطالب شركاءها بالاختيار بينها و بين الصين، من اختار بيت العم سام فقد التحق بالفرقة الناجية.

 انطوني بليكن حين زار ايطاليا مؤخرا للمشاركة في قمة التحالف الدولي  استغل الفرصة و أجرى مباحثات مع  الايطاليين لحثهم على الابتعاد عن الصين، و نحن نعلم أن روما الحليف الوثيق لواشنطن كانت تحابي بيكين و انضمت لمبادرة الحزام و الطريق سنة2019، الشيء الذي أثار سخط الأمريكان، بلينكن ضغط على الايطاليين الذين نطقوا على لسان وزير خارجيتهم لويجي دي مايو الذي قال بكل جرأة “علاقتنا بأمريكا أكثر أهمية من العلاقة مع الصين”.. 

مقابلة أخرى أجراها بلينكن مع جريدة لا ريبوبليكا الايطالية طالب فيها بجبهة موحدة ضد الصين، و قال إن حين يتعلق الأمر بالمواجهة مع الصين، يجب الحفاظ على الوحدة بشكل أكثر فعالية، أيضا قبل أيام قليلة كشف موقع بلومبيرغ أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن طالبت الإمارات باتخاذ خطوات للإبتعاد عن الصين ، بما في ذلك استبعاد شركة هواوي الصينية من منظومتها للإتصال، و لوحت أمريكا بفقدان صفقة الF35 ..

ايطاليا.. الإمارات.. و الآن المغرب، الرباط كذلك ليست بمعزل عن هذا التطاحن، لأنها حليف استراتيجي تاريخي لواشنطن، الأمر هو أن المغرب مؤخرا فضل عدم مقاطعة الصين، بحيث وقع اتفاقية شراكة مع مجموعة الصين الوطنية للصناعات الدوائية سينوفارم، و هي شركة تابعة لحكومة جمهورية الصين الشعبية، الاتفاقية تهدف لتصنيع لقاحات متنوعة على تراب المملكة المغربية بتعاون صيني، هذا المشروع سيجعل من المغرب منصة لصناعات البيوتكنولوجيا الصينية الموجهة نحو أفريقيا..

 مما يعني تعاظم سطوة الصين الاقتصادية بالسوق الإفريقية التي تعرف شبح المنافسة، أمريكا طبعا لن تقف مكتوفة الأيدي تشاهد حليفها يرتمي بحضن الصين، لدلك تدخلت لتمارس التنمر السياسي و استعملت كالعادة ورقتها المفضلة..

حقوق الإنسان و الجبهة الداخلية، للتأثير على الرباط و جبرها على تقليل تعاونها الاقتصادي مع الصين ..  هذا كل ما في الأمر.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة