جلالة الملك يضع أسس مستقبل لـ”المغرب الكبير”

كان لافتا للانتباه أن يركز جلالة الملك محمد السادس، في خطاب العرش، على العلاقات المغربية الجزائرية، التي خصص لها حيزا وافرا، أكثر من أية مناسبة سابقة، وذلك بالنظر لأهمية الموضوع، وبالنظر للتطورات التي تعرفها المنطقة والإقليم والعالم، والتي لا يمكن فيها للمغارب أن يجدوا موقع قدم وهم يسيرون نحو المستقبل مشتتين بشوكة تدمي أقدامهم مزروعة من زمن الحرب الباردة.

عندما قال جلالة الملك محمد السادس إن الرئيس الجزائري الحالي والرئيس السابق وأنا لسنا مسؤولين عن إغلاق الحدود، وبالتالي لا معنى لبقائها مغلقة في سنة 2021، وقارب شأنها على ثلث قرن، فإن هذا ينسحب على الموضوع الأهم، الذي سماه جلالته بالجسم الغريب الذي تسلل بيننا، فلا الرئيس الحالي ولا السابق ولا الأسبق والأسبق مسؤولون عن صناعة هذا الجسم، الذي ولد في سياق الصراع بين معسكرين متنافسين، أدى فيه المغرب ثمن اختياراته الواضحة، وبالتالي لو الرئيس الجزائري يستوعب الخطاب لاعتبر كل ما كان من الماضي هو مسؤولية الذين رحلوا، لكن المستقبل لا ينتظرنا حتى نحل مشاكل التاريخ.

السياق الذي جاء فيه الخطاب الملكي موسوم بتحولات جذرية تعرفها المنطقة والعالم، لحظة تتميز بتغيير الإرهاب لجلده، حيث تعرف الجماعات التكفيرية عملية “روسيكلاج” يعرفها المغرب جيدا، وهو الذي خبر الإرهابيين وفكك عشرات الخلايا وساعد كثيرا من دول العالم على تفادي الكوارث التخريبية، كما تعرف المنطقة انتعاشا كبيرا للشبكات الدولية لتهريب المخدرات والبشر، مما يقتضي بحثا عن حلول جذرية في إطار التعاون بين الدول.

لقد جلالته واضحا تماما، حيث لا مجال هنا للمزايدات من أي طرف من الأطراف. قال جلالته “إن أمن واستقرار الجزائر من أمن واستقرار المغرب والعكس أيضا”. هذه رؤية ملك عظيم ورجل استراتيجيا وتصورات مستقبلية، تعرف بأن الأمن القومي دائما يتزاوج الحدود ويتحداها، وبالتالي فإن الإيمان بوحدة الجار هي توجه نحو الحفاظ على وحدتنا، والشيء نفسه يقال للجزائر فإن وحدة المغرب من وحدتكم والانشقاق كالنار لا يتوقف عند حد.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة