التفاصيل الكاملة لمجلس الوزراء برئاسة جلالة الملك وجميع الأسماء المعينة من الولاة والعمال والسفراء
شراكة مغربية أمريكية تطلق مشروعا واعدا لتشجيع “التربية على المواطنة”
في سبيل ترسيخ الوعي بالمواطنة وتعزيز الحوار والثقة بين المواطنين ومؤسسات الدولة، أعطيت، اليوم الخميس بالرباط، انطلاقة مشروع “الجامعة المواطِنة المفتوحة”، الذي ينفذه المعهد المغربي لتحليل السياسات بدعم من الوكالة الأمريكية للدعم والتنمية.
ويسعى هذا المنتدى الأول للتربية على المواطنة، وفق الورقة التأطيرية للجهة المنظمة، إلى “تعزيز قدرات الفئات المهمشة من المواطنين، ولا سيما الشباب والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة، وتقوية مهاراتهم ورفع اهتمامهم بقضايا الشأن العام، وبالتالي انخراطهم من أجل مشاركة مواطنة فعالة وشاملة”. كما يهدف المشروع إلى “جمع مختلف الفاعلين في هذا المجال، بغرض التشاور وتبادل الأفكار حول وضعية المشاركة المواطنة داخل المغرب”.
وقالت الورقة التأطيرية ذاتها إن “ضعف مشاركة الشباب والنساء والأشخاص ذوي الإعاقة من المشاركة في الحياة السياسية، يعيق فعالية المؤسسات الديمقراطية؛ وهو ما يؤكد الحاجة إلى تعزيز الديمقراطية التشاركية داخل المغرب التي ستستفيد بشكل كبير من الانخراط الفعال للمواطنين، خصوصا الفئات المهمشة منهم، من خلال الاعتراف بأهميتهم ودعمهم في مسار التمكين ليلعبوا دورا فاعلا ضمن المجتمع”.
من جهتها، ذكرت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، في بلاغ لها، أن هذه “الجامعة المفتوحة للمواطنة” تنظم في إطار برنامج أمريكي مغربي قيمته مليونا دولار لـ”تشجيع التربية المدنية الشاملة في المغرب”. ومن بين المنظمات المنفذة له بالمملكة المعهد المغربي لتحليل السياسات.
في هذا السياق، قال محمد مصباح، رئيس المعهد سالف الذكر، إن المرحلة الأولى من المشروع هي “بناء موقع إلكتروني يضم مئات المضامين التي تهم التربية على المواطنة، من كبسولات فيديو ودلائل وغيرها… تهم جميع الفئات، وتكون سهلة الولوج والتحميل”.
ثم أضاف في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية: “المستوى الثاني هو بناء القدرات الذي سيتمّ عبر مجموعة من الدورات التدريبية، على المستويين المحلي والجهوي، بالاشتغال مع جمعيات المجتمع المدني، في الجوانب القانونية، والترافع، ورفع الملتمسات والعرائض وغيرها”.
أما الجزء الثالث من المشروع، وفق مصباح، فسيكون هو “فضاءات الحوار” التي “ستوفر فضاءات مفتوحة يلتقي فيها المنتخبون المحليون مع المواطنين لمناقشة كل القضايا التي تهمهم محليا”، إضافة إلى “مختبر العرائض” الذي “سيُشتغَل فيه مع عدد من الجمعيات على المستوى المحلي والجهوي لتقديم عملي لعرائض ومتابعتها”؛ الشيء الذي “سيساعد الجمعيات على الرفع من قدراتها على الترافع، وممارسة مواطنتها بشكل بناء”.
وفي حفل الانطلاقة الرسمية لـ”مشروع الجامعة المواطنة المفتوحة” ومنتداها الأول للتربية على المواطنة، الذي استقبلته أحد فنادق العاصمة الرباط، تحدث ديفيد غرين، القائم بأعمال السفارة الأمريكية بالرباط، عن أهمية التربية على المواطنة؛ لأن “المواطنة الفعالة أمر حيوي بالنسبة إلى كل حكومة”، ولأن المواطنين “يجب أن يكون لهم فهم لكيفية عمل المنظومة، ولحقوقهم، وما يحرك قرارات قادتهم”، وإلا فإن غياب هذا “يؤدي في آخر المطاف إلى عدم الاستقرار”.
ووصف ديفيد غرين “النموذج التنموي المغربي الجديد” بأنه “كان حصيلة تفكير عميق ومفكرين عميقين”، وتابع: “نحيي هذا المجهود، لجعل حياة المواطن أفضل”.
وتطرق القائم بالأعمال الأمريكي لأهمية “الحوار بين المواطنين وحكوماتهم المحلية”، ودور “فهم الديمقراطية التشاركية والمواطنة الفعالة” في هذا الأمر. ثم زاد: بناء الديمقراطية والمؤسسات من الأمور الأساسية في الشراكة الأمريكية المغربية، و”هذه الشركات تخدم أهداف المغرب والولايات المتحدة أيضا من مناح كثيرة”.
بدوره، ناقش محمد الفران، مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية، السلوك المدني بوصفه منظومة قيمية أخلاقية متكاملة تجمع القيم والحقوق، مستحضرا ما أقرته أحكام الدستور في هذا الإطار والحاجة إلى “التصدي الحازم لكل ما يعد سلوكا لا مدنيا”، قبل أن يزيد: “السلوك والمدنية يحيلان إلى القيم والتمدن، والمدنية حالة مجتمعية للتقدم والتحضر والحداثة، مع ما يرادفها من ديمقراطية ومواطنة وحقوق للإنسان بمختلف أجيالها ومساواةٍ وكرامة إنسانية”.
وذكر الفران أن المدرسة هي “الدعامة والمحطة الأولى للتربية على السلوك المدني، والتشبث بالثوابت الدستورية للبلاد واحترام قيمها الحضارية والاعتزاز بالانتماء للهوية بمختلف روافدها والأمة، والاجتهاد وروح المبادرة والمسؤولية تجاه الذات والأسرة والمجتمع، والتضامن والتعايش”، علما أن مثل هذه “الدعامات المجتمعية تكون أساسا لبناء المجتمع الذي ننشده جميعا”.
وعبر مدير المكتبة الوطنية للمملكة المغربية عن انخراط المؤسسة التي يديرها في هذا المشروع، من خلال “دورها ومكانتها”، عبر “سياسة ثقافية داعمة لقيم الحداثة والديمقراطية”، ترى أن لمخرجات “مشروع الجامعة المواطنة” “أهمية عظمى”. كما تطرق إلى “حاجة النموذج التنموي، الذي يحرص جلالة الملك على تنزيله بوصفه خارطة طريق، إلى سلوك مدني نسعى إلى ترسيخه لدى المواطن المغربي”.
وفي كلمة عبد اللطيف الشنتوف، رئيس نادي قضاة المغرب، وصف هذا المشروع بـ”الطموح والكبير”، خاصة “لتركيزه على فئة ذات قدرات منخفضة”، وتمكينه من تنزيل ما نص عليه النص الدستوري من إتاحة المشاركة المباشرة للمواطنين عبر العرائض، والدفع بعدم دستورية القوانين، وتقييم السياسات العمومية من المجتمع المدني، والديمقراطية التشاركية.
وفي كلمة باسم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ذكر المجلس الدستوري أن مشروع “الجامعة المفتوحة للمواطنة” وسعيه إلى “التربية على المواطنة” يتقاطع مع “اهتمامات ومبادئ المجلس”.