حول زيارة ستافان دي ميستورا للمنطقة
تأتي زيارة ستافان دي ميستورا للمنطقة التي مازالت مستمرة لحدود اللحظة في سياق ما صرح به الناطق باسم الأمين العام للأمم المتحدة قبيل انطلاق هذه المهمة، من كونها تأتي من أجل “استكشاف الأطراف من طرف المبعوث الأممي” الذي يعد واحدا من الشخصيات الدبلوماسية التي تجر وراءها مسارا من الوساطة خاصة في الجوانب الإنسانية لبعض النزاعات آخرها اشتغاله على قضية اللاجئين في سوريا، هي تجربة قد تسعفه على الأقل في طرح الجوانب الإنسانية من نزاع الصحراء في ظل الجمود السياسي الذي شهده المسلسل بعد إعلان الجزائر الطرف الأساسي في النزاع عن رفضها لقرارات مجلس الأمن خاصة منها قرار 2602، وعدم تعاونها مع المبعوث الجديد رغم إعلانها الشكلي بعد الضغوطات الأخيرة عن تعاونها الملغوم مع ستافان دي ميستورا.
المبعوث الجديد يقوم بزيارته و هو يعيي جيدا الصعوبات الحقيقية التي تنتظره، وتعرقل مهمته في شقها السياسي، خاصة وأن الأمم المتحدة في قرارها 2602 قد أعلنت بوضوح عن ضرورة الانطلاق مما انتهى إليه سلفه هانس كوهلر في جنيف2، وفي اعتبار القرارات التي أصدرها مجلس الأمن منذ سنة 2007 إلى الآن هي الإطار المرجعي لحل النزاع في إشارة للسنة التي قدم فيها المغرب مقترحه لحل النزاع، ثم تبني المعايير السياسية لمبادرة الحكم الذاتي، هذه المعايير الأساسية التي ينطلق منها ستافان دي ميستورا هي ما يدفع النظام الجزائري وسيدفعها لعرقلة عمله والتشويش عليه من خلال دفع تنظيم البوليساريو إلى الاستمرار في دعايته الفاشلة بالحرب الوهمية، وفي رفض الجزائر على لسان هذا التنظيم كل التحركات وكل ما سيطرحه ستافان من مقترحات سياسية لحلحلحة الملف.
للأسف الزيارة في سياق إقليمي متوتر بفعل تحركات النظام الجزائري في المنطقة، محاولة إفشاله للحل في ليبيا لأنه يعتبر أي تطور ديمقراطي لليبيا هو إحراج لهذا النظام المأزوم سياسيا ومؤسساتيا، وبسبب كذلك المواقف التي أعلن عنها هذا النظام تجاه المغرب منها اتخاذه لقراره الاستباقي لكل ما يجري الآن من خلال إعلانه عن قطع علاقته الدبلوماسية مع المغرب، وهو ما سيجعل من مهمة ستافان دي ميستورا ليس حلحلة ملف الصحراء بما يتلاءم مع قرار 2602، بل في القيام بالوساطة ومحاولة إقناع النظام الجزائري لتليين مواقفه اتجاه المغرب، رغم أن هذا الأخير لا يطلب ذلك، حيث أنه بشكل عام لا يُتصور أن تكون هناك مباحثات والجانب الأساسي فيها أعلن عن قطع كل علاقته الدبلوماسية مع المغرب، وهنا سيكون النظام الجزائري بقراره الاستباقي قد تحايل على الأمم المتحدة من أجل تغيير جدول أعمال أجندة المبعوث الأممي من طرح القضايا السياسية ذات الارتباط بملف الصحراء إلى مهمة الوساطة بين الجزائر والمغرب بالتالي تحقيق ما ظل هذا النظام يتقنه، ألا وهو فن تمطيط النزاع وعرقلة العملية السياسية.
ستافان دي ميستورا الذي حولت جبهة البوليساريو زيارته من زيارة سياسية إلى زيارة فلكورية للمخيمات، في محاولة إظهار نوع من الإجماع الشعبي حول قيادة التنظيم هو ما فشلت فيه من خلال ما تم تداوله في إعلام النظام الجزائري، حيث أظهرت جل المشاهد عدم تجاوب ساكنة المخيمات مع دعوات الحشد الشعبي لاستقبال ستافان دي ميستورا، ونفورها من المشاركة في مسرحية الإجماع حول قيادة الجبهة كنفس نفورها من المشاركة في مسرحية الحرب التي تدور رحاها فقط داخل وسائل التواصل الاجتماعي باستعمال صور وفيديوهات مفبركة.
ستافان دي ميستورا الذي انتقل للمخيمات سيطلع على وهمية الحرب، وعلى عدم وجود أي آثار لها، وإلا كانت قد برمجت قيادة الجبهة زيارة له لما تسميه “بجبهة القتال” لإقناعه بصواب طرح الجزائر والبوليساريو، وهو طرح يدعي أن المنطقة قد عادت للقتال بالتالي انهيار اتفاق وقف إطلاق النار.