بين الصين وأمريكا وروسيا.. مقاربة المغرب الجديدة في علاقاته الدولية
محطات متعددة وجد خلالها المغرب نفسه مجبرا على التبعية لمواقف الحلفاء التقليديين، نتيجة إكراهات المتوقع والاصطفاف، لكن التغيرات الاستراتيجية على مستوى المحيط المغاربي أو المتوسطي وحتى الدولي، ما دفع الرباط إلى قلب صفحة الجوار، ولو مرحليا وتبني نهج جديد في السياسة الخارجية تقطع مع حقبة التبعية والولاء للحلفاء التقليديين بناء على ما يؤسس له أسلوب المصلحة في ضبط القرار الدبلوماسي الخارجي.
“لم يعد الجوار يهمنا بقدر ما تهمنا الثقة” بهذه الجلمة كانت وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، قد عبرت عن انفتاح المغرب على شراكات جديدة بعيدة عن محيطه الإقليمي الذي يرتهن إلى حالة من الشد والجذب السياسي. فالدبلوماسية المغربية لم تعد اليوم ترمي كل بيضها في سلة محيطها، بل أخذت تلعب على حبال النسق الاستراتيجي بعيد المدى من الصين إلى روسيا وأمريكا فالاتحاد الأوروبي.
ووفق خبراء، فتنوع الشركات التي دخلتها الرباط خارج الإطار التقليدي المرتبط بدول الجوار، عزز موقف المغرب في التفاوض مع الدول الأوروبية من موقع قوة، رغم أن الشراكة الأوروبية المغربية، لا سيما مع فرنسا واسبانيا، تظل بالنسبة للمغرب شراكة أساسية لا بديل عنها.
ويحدد ملف الصحراء المغربية، حسب متابعين خطوات الدبلوماسية للرباط، بعد إدراكها أن رمي الشباك في ضفة واحدة قد يكون مغامرة غير محمودة التبعات. هذا ما يظهر جليا حتى من الأزمة الروسية الأوكرانية وعدم اصطفاف المغرب إلى جانب الدول الغربية في إدانة التدخل الروسي، مما يؤكد أن المغرب اتخذ مسافة من جميع القوى ويراهن على علاقات متوازنة مع الجميع تراعي مصالحه بما فيهم اللاعبون الكبار.
حاولت الرباط الحفاظ على التوازن مع حلفائها التقليديين الغربيين، رغم اتجاهها الحذر إلى روسيا والصين، فهذا الأخير وقعت مع المغرب “خطة التنفيذ المشترك” لإقامة مشاريع اقتصادية ضمن مبادرة الحزام والطريق الصينية التي تهدف إلى تعزيز الحضور الاقتصادي للعملاق الآسيوي في بلدان عدة من بينها المغرب.
الاستثمارات الصينية المباشرة زادت في المغرب، منذ بدء المبادرة عام 2017 لتصل إلى 380 مليون دولار حاليا، كما ارتفعت المبادلات التجارية بين البلدين إلى 6 مليارات دولار.
من جهتها، الرباط عقدت شراكات جديدة مع بريطانيا في مجال التنقيب واستخراج الغاز الطبيعي وقد تكللت إحدى هذه الشراكات بالنجاح في منطقة تنداراة، كما تم إنشاء خط بحري ينطلق من جهة كلميم لتزويد بريطانيا بالكهرباء النظيفة.
إلى ذلك، تم الارتقاء بالتعاون بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، إلى شراكة استراتجية متعددة الأوجه. إذ وفق وزارة الخارجية المغربية فإن أكثر من 150 شركة أمريكية تستثمر في المملكة بحوالي مليار دولار.