النظام الجزائري، بين مطرقة العقوبات وسندان الضغوط..هل يسير بالجزائر نحو سوريا بشار جديدة شمال إفريقيا؟
يعيش النظام العسكري الجزائري تيهان وحيرة أفقدته البوصلة، بسبب سياسته المتعجرفة جعلته بين مطرقة العقوبات الأمريكية وسندان الضغوطات الروسية.
فمنذ الحرب الروسية-الأوكرانية، وما شكلته من عزلة دولية، خاصة من جانب المحور الغربي، حاولت الجزائر التقارب مع موسكو خاصة في المجال العسكري، ولهذا أقر النظام العسكري الجزائري أضخم ميزانية عسكرية في تاريخه قدرت بـ23 مليار دولار، من المتوقع أن تستفيد موسكو منها بمليارات الدولارات من خلال صفقات التسليح. وهو من بين أكبر 3 مستوردين للسلاح الروسي في العالم، ولا يمكنها الاستغناء عن الأسلحة الروسية بسهولة،
وهو ما كشف عنه وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، خلال زيارته إلى الجزائر في 10 مايو 2022 ، على أن: “روسيا والجزائر تعتزمان التوقيع على اتفاقية تعكس النوعية الجديدة للعلاقات الثنائية بين الدولتين”، معبّراً عن تقديره لموقف الجزائر تجاه العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
في إشارة لزيارة محتملة لتبون إلى موسكو قبل نهاية السنة الجارية، حسب رمطان لعمامرة الذي صرح بأن التحضير لها جاري على قدم وساق.
والهدف من هذه الزيارة المحتملة، التوقيع على وثيقة التعاون الاستراتيجي بين البلدين، حسب ما أكده السفير الروسي لدى الجزائر، إيغور بيليايف، على أنّ: “العمل جارٍ على صياغة وثيقة استراتيجية جديدة تعكس العلاقات الجزائرية الروسية”. بعد استقباله من الرئيس تبون إثر انتهاء مهامه.
والتي ستكون شرارة لعقوبات غربية على النظام العسكري الجزائري باعتباره داعما وممولا للحرب الروسية-الأوكرانية.
حيث طالب17 نائباً أوروبياً لمراجعة اتفاق الشراكة الموقع مع الجزائر عبر رسالة إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين ومفوض الشؤون الخارجية جوزيب بوريل، يطلبون فيها مراجعة اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر التي صنفوها ضمن أربعة مشترين رئيسين للأسلحة الروسية، مما يجعلها تساهم في تمويل موسكو
جاء فيها: “نشعر بقلق عميق إزاء التقارير الأخيرة عن توثيق العلاقات بين الاتحاد الروسي والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، وهو وضع يترجم إلى دعم سياسي ولوجستي ومالي لعدوان بوتين على أوكرانيا. الجزائر تعد من بين أكبر أربعة مشترين للأسلحة الروسية في العالم، وبلغت ذروتها في عقد أسلحة تزيد قيمته على 7 مليارات يورو عام 2021، وسيؤدي تدفق الأموال إلى روسيا مهما كان مصدره إلى تقوية آلة الحرب الروسية في أوكرانيا”.
ومن جهة أخرى طالب نائب رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الأميركي ماركو روبيو، في 16 شتنبر 2022 ، وزير الخارجية (كاتب الدولة في الخارجية)،،أنتوني بلنكن، إلى إدراج الجزائر ضمن قائمة “أعداء أميركا” واعتبر أن مشتريات الأسلحة بين موسكو والجزائر التي تعتبر من أبرز وأكبر مشتري السلاح الروسي، تصب في مصلحة تدفق الأموال إلى روسيا
وكان قد أعلن النظام العسكري الجزائري اثر اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية أنه ليس بصدد لعب دور البديل لروسيا في مجال الغاز بعد أن قررت أوروبا الاستغناء عنه.
وهو ما اعتبره تقرير حلف الناتو بان الغاز الجزائري يشكل تهديدا أمنيا، مما دفع النظام العسكري الجزائري للرضوخ وبيعه بأسعار تفضيلية، وإعلان التزامه بالعقود المبرمة مع إسبانيا بعد غلقه لأنبوب الغاز المغاربي المار بالتراب المغربي، نتيجة هوسه ومرضه بالماروكوفوبيا (العقدة المغربية)..هذا إلى جانب عدم قدرته على استعمال ورقة الغاز كورقة ضغط لفترة طويلة باعتباره يعتمد على اقتصاد ريعي يشكل الغاز 92٪، من ناتجه العام.
ونتيجة تهور السياسة الخارجية للنظام العسكري الجزائري ،وقع 27 نائباً بالكونغرس على عريضة طالبت وزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بفرض عقوبات على الجزائر بسبب علاقاتها الوطيدة مع موسكو،
[وذلك استناداً إلى قانون “كاتسا” (CAATSA) الذي أقرّه مجلس الشيوخ الأمريكي في غشت 2017. ويشمل القانون 3 دول تعتبرها واشنطن “أعداء” وهي روسيا وإيران وكوريا الشمالية، إذ تُفرَض العقوبات عليها وعلى من يتعاون معها عسكرياً]. .
مما يضع علاقة الجزائر مع روسيا أمام وضعية صعبة بتداعيات وخيمة
دفعت وزارة الدفاع الجزائرية للتستر على مناورات عسكرية مشتركة مع الجيش الروسي (بمشاركة 80 عسكرياً روسيا)، كانت نهاية شهر نونبر 2022، بقاعدة حماقير العسكرية في الجنوب الغربي، قرب الحدود المغربية، معلنة عدم إجراءها دون تحديد للأسباب.
وفي إطار تحذيرات الولايات المتحدة الأمريكية أرسلت إلى الجزائر منسق الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجلس الأمن القومي للولايات المتحدة ، بريت ماكغورك، وهو احد المستشارين الأكثر نفوذاً وقوة لإدارة بايدن. باعتباره أعلى مسؤول عن القضايا الأمنية والعسكرية والجيوسياسية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. (حيث أشرف من عام 2015 حتى عام 2021، على التحالف العسكري متعدد الجنسيات بقيادة الولايات المتحدة لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا،) .وهي إشارة لها دلالة بأن الوضع في الجزائر أصبح شبيها بالعراق وسوريا، يستوجب التعامل معه بحزم.
وهو ما أشارت له تقارير حقوق الإنسان لسنة 2022، عن الوضع المأساوي والخطير بالجزائر، ففي إطار الاستعراض الدوري الشامل (UPR) لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة (HRC) لسنة 2022 خلال اجتماع عقد بمكتب الأمم المتحدة في جنيف (UNOG) في جنيف ، سويسرا ، تعرض النظام الجزائري لانتقادات شديدة بشأن العنصرية وتغذية خطاب الكراهية داخل الطبقة السياسية الحاكمة.
التي أعربت عن قلقها إزاء التقارير المتعلقة بخطاب الكراهية والعنصرية الصادر عن شخصيات عامة ، ولا سيما ضد السكان الأمازيغ والمهاجرين. وتصاعد العنصرية وكره الأجانب، مما قد يهيئ مناخا يفضي إلى أعمال عنف عنصرية.
كما نبهت اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية (USCIRF) مرة أخرى إلى الوضع في الجزائر و “القمع الديني المنهجي” الذي يتعرض له “أتباع الديانات الأقلية” في البلاد ، وطالبت الحكومة الأمريكية بوضع الجزائر على رأس قائمة الدول الأعضاء. “قائمة المراقبة الخاصة”.
وفي بيان ، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إنه قرر وضع الجزائر على “قائمة المراقبة الخاصة” للحكومات التي ارتكبت أو تغاضت عن “انتهاكات خطيرة للحرية الدينية”.
كما أن منظمات حقوق الإنسان الدولية قدمت تقريرا عن الوضع المأساوي والخطير بالجزائر
أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بمناسبة دورته الحادية والأربعين في جنيف ، بمقر الأمم المتحدة. لتنبيه الرأي العام ، ولا سيما الدولي ، إلى حالة القمع التي لا يمكن الدفاع عنها في الجزائر.
بعد أن شنت الحكومة الجزائرية حرب استنزاف حقيقية ضد الحريات وقامت بتقديم العدالة لأوامر الأجهزة الأمنية ، وتم استخدام السلطتين لتكونا أدوات للقمع. لا صوت بعد ذلك يفلت من التعسف والقمع والاعتقال.
وفي ظل هذا الوضع المتردي والخطير الذي وضع النظام العسكري الجزائري نفسه فيه، سواء الوضع الداخلي المأساوي، أو وضعه الخارجي بتموقعه مع محور الشر بالنسبة للدول الغربية، وارتجالية سياسته الخارجية المتهورة، قد يعرضه لعقوبات محتملة، تحول البلاد لسوريا جديدة، بعد اكتمال الصورة السيئة التي يرسمها هذا النظام العسكري للجزائر، بارتكابه آخر الأخطاء، من بينها زيارة تبون لروسيا، في حالة حدوثها.