الأزمة تتعمق في مخيمات تندوف.. خلافات حادة بين المجرم غالي وقيادات في حركته الانفصالية
لا يزال مسلسل خلاف زعيم “بوليساريو” مع قيادات في حركته يتطور بشكل درامي، فلم يعد يخفى على أحد، داخل المخيمات وخارجها، مدى عمق الأزمة التي يعيشها المجرم إبراهيم، الذي بات يعتقد أنه الزعيم الأبدي للرابوني، ولا يحق لأحد انتقاده أو الخروج عن رغباته ونزواته الشاذة.
ومع أن الخلافات بين قادة بوليساريو ليست بالأمر الجديد، خصوصا منذ تولي المختل إبراهيم غالي زعامة هذا التنظيم، إلا أن الخلاف الذي طفا على السطح، أخيرا، عرى الكثير من الحقائق التي طالما حاولت الجبهة إخفاءها أو على الأقل عدم الخوض فيها.
ففي السابق، كانت الخصومات بين زعماء التنظيم محصورة في السطو على المساعدات الإنسانية والأرصدة البنكية للتنظيم، وهو ديدنهم، منذ سنوات طويلة.
فغضب غالي على “وزير دفاعه” سابقا عبد الله لحبيب، إنما كان بسبب ميزانيات خصصها قائد أركان الجيش الجزائري السابق أحمد قايد صالح، لفائدة تطوير منظومات الرصد لدى الجبهة، فرفض عبد الله مناصفة تلك المبالغ مع رفاقه، ما فجر أزمة انتهت بعزله، وتوفي بعدها بشهور قليلة.
الأمر نفسه ينطبق كذلك على أصل الخلاف بين عبد القادر طالب عمر، ممثل “بوليساريو” بالجزائر، مع العديد من رفاقه، والذي كان محصورا في الأموال وطرق تقاسمها.
إلا أن الخلاف الجديد القديم، الذي عاد للظهور هذه الأيام واستخدمت فيه كل أساليب الدعاية، هو ذلك القائم بين إبراهيم غالي والمرشح الوحيد أمامه في مؤتمر الحركة الأخير، بمخيم الداخلة، البشير مصطفى السيد، شقيق مؤسس “بوليساريو”، الذي لم يخف، إبان فترة انعقاد المؤتمر، امتعاضه من فشل غالي وتحويله الحركة إلى شركة كبيرة للدعارة وتبييض الأموال، ومنتقدا في الوقت ذاته، الدور المشبوه لضباط الأمن الجزائري الذين باتوا يتحكمون في تحركات قادة التنظيم ويفرضون عليهم شبه إقامات جبرية في منازلهم بتندوف.
وكان البشير أول قيادي يهاجم الجزائر مباشرة ويتهمها باستخدام “بوليساريو” في تحقيق أجندات ليست ضمن الاتفاق مع شقيقه عندما وافق على تحويل المخيمات إلى الجنوب الجزائري، منتصف سبعينات القرن الماضي، الأمر الذي يبدو أنه لم يستسغه الجنرالات، ورفضوا المشاركة بأي ممثل عن الحكومة الجزائرية في مؤتمر “بوليساريو” الأخير، وعوقب بعدها البشير بالمنع من الخروج من تندوف إلى إشعار آخر.
بعد المؤتمر، هاجم البشير مصطفى السيد غريمه إبراهيم غالي عبر سلسلة مقالات وتسجيلات صوتية، وانضمت إليه لاحقا في حملته بعض الإطارات المتوسطة في الحركة على غرار ممثل الجبهة بمورسيا، أحمد لبات، والطاهر زيني، الكاتب الأول في تمثيلية كيبيك الكندية، وآخرين يكتبون تحت أسماء مستعارة، منهم أعضاء في أمانة الحركة، الأمر الذي يبدو أنه فاق قدرة المختل إبراهيم غالي على التحمل، وأطلق هو الآخر أقلام أنصاره للهجوم على خصومه، والتي كانت آخرها مقالات على مجلة صوت الوطن التي تعتبر لسان القصر الأصفر، واصفة البشير بالمغتصب وخاطف النساء في المخيمات، وأنه كان يرغم القاصرات على الزواج منه بالقوة، وأنه هو المسؤول الأول عن الجرائم التي ارتكبت في سجن الرشيد، بل ذهبت المجلة إلى أبعد من ذلك، إذ اتهمته بتسليم “بوليساريو” بالكامل لأجهزة المخابرات الجزائرية، إبان حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، الذي قالت المجلة إنه كان يحضره لخلافة محمد عبد العزيز، لولا ترتيبات القدر .
وتساءلت مجلة إبراهيم غالي عن مصدر قطعان الإبل التي يمتلكها البشير، والتي تنتشر في الشرق الموريتاني، وعن مدى قدرته أيضا على الكشف عن أرصدة بنكية مكدسة بحسابات فتحها نظام القذافي باسم “بوليساريو” وحول لها ملايين الدولارات، إبان تولي البشير لخارجية “بوليساريو”، إلا أنها اختفت تماما عندما تم عزله بعد الأحداث الدامية في المخيمات، والتي طالبت برأسه في 1988.
ولا يزال شلال الفضائح بين عجائز “بوليساريو” مستمر في السيلان على أن يستفيق سكان المخيمات ويكتشفوا حقيقة هذه العصابة التي هجرتهم من أراضيهم الآمنة، تحت شعارات ثورية وهمية، تبين مع افتضاحها أنها كانت مجرد ألاعيب استخباراتية ليبية وجزائرية راح ضحيتها هؤلاء الأبرياء الذين يبدو، من خلال تراشق الاتهامات بين أكبر مجرمين عرفهما تاريخ الصحراويين، أنهم كانوا حطبا لمعارك هم الخاسر الأول فيها.