فضيحة تجسس وترهيب ضد نشطاء القبائل في كندا: انتهاكات خطيرة والحكومة الفدرالية تلوذ بالصمت
يعيش مجموعة من الكنديين ذوي الأصول القبائلية حالة من الخوف والهلع، ويطالبون حكومة جاستن ترودو بالتدخل لحمايتهم من ممارسات النظام الجزائري الذي يتهمونه بممارسة أنشطة التجسس والترهيب فوق الأراضي الكندية.
كمال سهكي، فنان يبلغ من العمر 36 عاماً، هاجر إلى كندا عام 2018 بحثاً عن حياة حرة ومستقلة. ولكن، لم يكن يعلم أن أصوله القبائلية ستظل تلاحقه حتى في كندا، لتجعله هدفاً للسلطات الجزائرية.

القبائل هم جزء من الأسرة الكبيرة للأمازيغ، السكان الأصليين لشمال إفريقيا، ولهم لغة وثقافة مميزة. بعضهم ينادي بإنشاء دولة مستقلة لهم. كمال سهكي، الحائز على جوائز دولية لأفلامه القصيرة، فوجئ باتصال من عضو في القنصلية الجزائرية في مونتريال، الذي لمّح له بإمكانية دعم الحكومة الجزائرية لمسيرته الفنية مقابل لقائه في القنصلية.
أثناء اللقاء، كان التركيز الأساسي على علاقاته مع “حركة تقرير المصير في منطقة القبائل” (MAK)، وهي حركة تنظم احتجاجات في كندا للمطالبة بإطلاق سراح السجناء السياسيين في الجزائر. المسؤول القنصلي أشار إلى أن الحكومة الجزائرية تراقب أنشطة كمال سهكي منذ فترة، وأطلعه على تفاصيل دقيقة حول نشاطاته ومشاركاته في المظاهرات.
القانون الجزائري يعتبر أي فعل يهدد أمن الدولة أو الوحدة الوطنية بمثابة عمل إرهابي، وفقاً للمادة 87 مكرر من قانون العقوبات الجزائري، وهي مادة تعرضت لانتقادات من قبل منظمات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية بسبب صيغتها الغامضة التي تهدف إلى إسكات المعارضة السلمية. في المقابل، لم تصنف كندا والولايات المتحدة حركة MAK كمنظمة إرهابية، بل اعتبرت أن هذا التصنيف في الجزائر ينطوي على اعتبارات سياسية أكثر منها أمنية.
كمال سهكي كشف أن السلطات الجزائرية طلبت منه توقيع وثيقة يتعهد فيها بقطع علاقاته مع الحركة ووقف أنشطته معها مقابل السماح له بالسفر بحرية إلى الجزائر لرؤية عائلته. ولكنه رفض العرض، مؤكداً أنه ليس للبيع.
من جانب آخر، ذكر أفراد من الجالية القبائلية في كندا أنهم تعرضوا لمضايقات واستدعاءات من قبل القنصلية الجزائرية في مونتريال أو السفارة الجزائرية في أوتاوا، وأبدوا خشيتهم من تبعات هذه الممارسات على أقاربهم في الجزائر. وعبر كمال سيربوح، رئيس مركز “أكفايلي” في مونتريال، عن قلقه من حالة الخوف التي تسود بين أفراد الجالية القبائلية في كندا، حيث يتجنب الكثيرون المشاركة في الأنشطة الثقافية خوفاً من تصنيفهم من قبل السلطات الجزائرية.

مؤسسات حقوقية مثل منظمة العفو الدولية انتقدت الحكومة الجزائرية لتضييقها على الحريات وتلفيق تهم الإرهاب لمعارضيها. من جانبها، وزارة الشؤون العالمية الكندية أبدت اهتماماً بالقضية، لكنها لم تفصح عن عدد المواطنين الكنديين الذين منعوا من مغادرة الجزائر، مكتفية بتأكيد التزامها بحماية حقوق الإنسان وإجراء حوارات منتظمة مع الحكومة الجزائرية حول هذه القضايا.
في المقابل، دعا النائب ماريو بيوليو الحكومة الكندية لاتخاذ موقف أقوى ضد التدخلات الأجنبية، مشيراً إلى أن صمت وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي عن القضية غير مقبول.
يبقى أن نشير إلى أن كمال سهكي وغيره من الكنديين من أصول قبائلية يعيشون في كندا في ظل حالة من التوتر والترقب، متسائلين عن مدى قدرة بلدهم الجديد على حمايتهم من ممارسات نظام بلدهم الأصلي، وهو ما يزيد من تعقيد حياتهم ويضعهم أمام تحديات جديدة في بلد هجرتهم.
إضافة إلى ذلك، أفاد أعضاء آخرون من المجتمع القبائلي أنهم تلقوا استدعاءات للقنصلية أو السفارة الجزائرية في أوتاوا، حيث لم ترد السفارة على طلبات إجراء مقابلات ولم تقدم ردوداً مكتوبة على الادعاءات المطروحة من قبل المجتمع القبائلي.
كما تم توثيق شهادات من مواطنين كنديين من أصول قبائلية يعملون في الحكومة الفيدرالية وحكومة كيبيك، تعرضوا لترهيب من قبل النظام الجزائري، لكنهم رفضوا الظهور في مقابلات رسمية خوفاً من الانتقام ضد أقاربهم في الجزائر.
وقد حذرت وزارة الخارجية الكندية على موقعها الإلكتروني المسافرين إلى الجزائر من تزايد الاعتقالات ضد النشطاء السياسيين في السنة الأخيرة، وأشارت إلى أن السلطات الجزائرية احتجزت مواطنين كنديين جزائريين بعد تحديدهم كأشخاص ذوي انتماءات سياسية في كندا.
وأكدت الوزارة أن الجزائر لا تعترف رسمياً بالجنسية المزدوجة، مما يعرض هؤلاء النشطاء لخطر السجن والتعذيب. كما تم حظر سفر بعض الكنديين ذوي الأصول القبائلية لفترات تمتد لأسابيع أو حتى سنوات.
وأعرب النشطاء عن مخاوفهم من التعبير عن آرائهم السياسية في الأماكن العامة أو عبر الإنترنت خوفاً من المراقبة والانتقام.
في حين انتقد النائب ماريو بيوليو بشدة تجاهل الحكومة الفيدرالية لقضايا التدخل الأجنبي، مشيراً إلى أن هناك بلداناً صغيرة مثل الجزائر تتدخل في شؤون مواطنيها في كندا دون أي رد فعل من الحكومة الكندية.