• ماي 2, 2025

حزب العدالة و التنمية و التغريد خارج السرب !!

في الوقت الذي لاقت فيه زيارة الدولة التي يقوم بها الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون و حرمه إلى بلادنا، حفاوة منقطعة النظير و تركت صدىً طيبا لدى كل القوى الفاعلة بالمملكة وكذا الزخم الإعلامي الكبير الذي رافقها سواء محليا أو دوليا وذلك بالنظر لتاريخ العلاقات بين البلدين.. ارتأت بعض الأطراف تطبيق سياسة “إنّا عكسنا” و عوض الاصطفاف معنا فضلوا اللعب مع “غانا”.

على رأس أصوات النشاز و التي غضت الطرف عن كل ما هو إيجابي في هذه الزيارة (الاعتراف بمغربية الصحراء، اتفاقيات، مبادلات تجارية)، نجد حزب العدالة و التنمية الذي لطالما اجتر أمينه العام ذات الخطاب “التهريجي”.

بنكيران و في ظل النشوة التي تطبع النخبة السياسية المغربية على خلفية حضور ماكرون، أبى إلا أن يصطاد في الماء العكر بتوجيه خطاب للرئيس الفرنسي معاتباً إياه وصف هجوم حركة حماس في 7 أكتوبر بـ “الهمجي” خلال كلمته بالبرلمان المغربي.

حزب المصباح “المنطفئ” و صف حماس بـ “الحركة التحررية” على غرار حركة التحرير الوطني في المغرب، والقوات الفرنسية الحرة في فرنسا، وجبهة التحرير الوطني في الجزائر، والعديد من حركات التحرير في العالم.

حماقات هذا الحزب الإسلامي لم تتوقف عند هذا الحد، بل تجاوزت كل الخطوط الحمراء بكيل الاتهامات لإسرائيل و تحميلها كل المسؤوليات في الحرب القائمة إضافة إلى ما وصفه بـ”التطهير العرقي” الذي تمارسه في فلسطين و لبنان.

الغريب أن الحزب الذي يعتبر الدولة العبرية منبعا لكل الشرور هو من وقع بروتوكول التطبيع معها يوم 10 دجنبر 2020، في صورة شهيرة ظهر فيها رئيس الحكومة سعد الدين العثماني جنبا إلى جنب رفقة مستشار الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شبات يتوسطهما غاريد كوشنر كبير مستشاري الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترمب.

ما غاب عن العدالة و التنمية ربما أن ماكرون سبق و أن تلقى انتقادات شتى و من عدد من الأطراف أبرزهم السياسي الإسرائيلي من أصل فرنسي، إيمانويل نافون، الذي نعت الرئيس الفرنسي بـ “المنافق” بشأن موقفه من الحرب في غزة و منع الشركات الإسرائيلية من المشاركة خلال معرض “يوروساتوري” العسكري في باريس في يونيو 2024، وكذا عرقلته مشاركة هذه الشركات في “يورونافال” في نوفمبر 2024، مشيراً إلى أن ماكرون دفع الخيانة إلى أقصى حد من خلال اقتراح حظر عسكري ضد إسرائيل، وهو ما حذا به إلى إسقاط فرنسا من لائحة الحلفاء الاستراتيجيين لإسرائيل.

المضحك في شطحات حزب “اللحايا”، تلقي ماكرون كلمات الإشادة من طرف العثماني في حين تتم مهاجمته من طرف بنكيران و هو ما يوضح حجم الشرخ و الهوة و الانشقاق التي أصابت “الإخوان”.

الأمين العام الحالي للحزب بتصرفاته العشوائية هاته ستضر لا محالة بمصداقية الحزب وتوجهاته ناهيك عن التراجع المهول في شعبيته كما تبين استطلاعات الرأي، مما يعكس عدم رضى المواطنين عن أدائه، وهو ما ينذر بأن الحزب قد فقد الثقة التي منحت له في السابق، ويعكس فشلًا في تحقيق نتائج مرضية في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة.

علاوة على ذلك، فقد صار الحزب خارجاً عن الإطار السياسي المغربي، حيث يتبنى مواقف لا تتماشى مع تطلعات المجتمع كما أنه يعيش “عزلة فكرية” تُظهر عدم قدرته على استيعاب التغيرات الاجتماعية والثقافية، مما يزيد من تعقيد عملية التواصل مع أغلب القواعد الشعبية.

الواضح أن حزب العدالة والتنمية بحاجة اليوم إلى مراجعة شاملة لرؤيته وأفكاره و إن اقتضى الحال تجديد قيادته، مع العودة إلى التفاعل الإيجابي و الحقيقي مع المجتمع و السير في خط موازي مع الاستراتيجيات الكبرى التي تسطرها الدولة تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة