• ماي 3, 2025

التعاون المغربي-الإسباني: درع مشترك في مواجهة الإرهاب

من جديد، وفي عملية نوعية غير مسبوقة، تُطل علينا الأجهزة الأمنية المغربية والإسبانية بإنجاز أمني كبير ينضاف إلى سجل حافل من النجاحات المشتركة.

صبيحة اليوم الجمعة، جاء الإعلان عن تفكيك خلية إرهابية موالية لتنظيم “داعش” في كل من المغرب وإسبانيا، ليعيد التأكيد على أهمية التعاون الاستخباراتي العابر للحدود، ودوره الحيوي في حماية الأمن القومي والإقليمي.

ما يثير الإعجاب في هذه العملية ليس فقط النجاح الميداني، الذي تمثل في توقيف تسعة عناصر إرهابية، بل أيضاً ذلك التنسيق المتميز بين المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني بالمغرب، والمفوضية العامة للاستعلامات التابعة للشرطة الوطنية الإسبانية. إنه تعاون يتجاوز إجراء وظيفيا إلى شراكة استراتيجية رائدة في مواجهة أخطر التحديات التي تهدد أمن الدول واستقرار الشعوب.

هذه الخلية، التي كانت تعمل على الترويج للفكر المتطرف وتهيئة الظروف لتنفيذ عمليات إرهابية، تمثل صورة قاتمة لظاهرة الإرهاب العابر للحدود. ولولا هذا التنسيق المحكم بين الرباط ومدريد، الذي تميز بسرعة تبادل المعلومات ودقة العمليات الميدانية، لأصبحت تهديدات هذه الخلية واقعا مريرا يعصف بالأمن والاستقرار.

لكن، يجب أن نتوقف قليلا لنفكر في دلالات هذا الحدث، فهو ليس مجرد تفكيك لخلية إرهابية، بل هو انعكاس لرؤية أمنية متقدمة، ترتكز على فلسفة التعاون الدولي في مواجهة الأخطار المشتركة. والمغرب، بقيادة أجهزته الأمنية والاستخباراتية الفاعلة، أضحى نموذجا يقتدى به عالميا في مجال مكافحة الإرهاب، بما يمتلكه من كفاءات بشرية وتقنيات متقدمة وإرادة سياسية راسخة.

التعاون المغربي-الإسباني يبعث برسالة واضحة إلى العالم: الإرهاب، مهما كانت مساراته وأدواته، لا يمكن أن ينتصر أمام وحدة الصف الدولي، والتزام الدول بقيم التعاون والشراكة. إنها رسالة تؤكد أن السيادة الوطنية والأمن الإقليمي ليسا عائقين أمام بناء جسور التواصل بين الدول، بل هما الحافز الأساسي لتقوية هذه الجسور وجعلها قنوات للحماية الجماعية.

والأهم من ذلك، أن هذا الحدث يعكس رؤية المغرب الثابتة في مواجهة الإرهاب: الوقاية أولا، ثم الضربات الاستباقية، وأخيرا بناء شراكات فعالة مع الدول الصديقة. وهذه المعادلة، التي أثبتت نجاعتها، ليست فقط حماية للأمن المغربي، بل مساهمة في حماية أمن أوروبا والعالم، بما يعزز مكانة المملكة كشريك موثوق في مواجهة الأخطار العالمية.

عندما نقرأ عن هذه العملية، يجب أن ننظر ما بين السطور. إنها ليست فقط قصة نجاح أمني، بل درس في أن التعاون والشراكة هما مفتاح التغلب على أكثر التحديات تعقيدا. والعالم اليوم في أمس حاجة إلى المزيد من هذه الشراكات، وإلى أن يتعلم من النموذج المغربي-الإسباني كيف يمكن للتنسيق والاستخبارات المشتركة أن ينقذا الأرواح، ويحفظا الأمن، ويبنيا مستقبلا أكثر أمانا لنا جميعا.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة