• ماي 3, 2025

محمد حاجب.. مرتزق الإرهاب الذي يجمع بين التحريض والتضليل

لا يأتي تشكيك الإرهابي محمد حاجب في العمليات الأمنية المغربية ضد الإرهاب من فراغ، بل هو جزء من استراتيجية ممنهجة تتبناها الجماعات الإرهابية وأذرعها الإعلامية لزعزعة ثقة المواطنين في مؤسساتهم وتشكيكهم في الجهود المبذولة لمحاربة الإرهاب.

حاجب، الذي تحول إلى بيدق في خدمة أجندات معادية للمغرب، لم يكن يوما سوى صوتا يردد ما تمليه عليه الجهات التي تسيره، سواء كانت دوائر الاستخبارات الجزائرية أو جهات أخرى تستفيد من الفوضى والتطرف. لكن الأخطر من ذلك، أن حاجب لم يكن يكتفِ بتشكيك مغرض في الحرب على الإرهاب، بل كان يتجاوز ذلك إلى التحريض العلني على العنف والإرهاب، عبر دعوات صريحة لتنفيذ عمليات انتحارية ضد قوات الأمن.

ليس غريبا أن يكون خطاب التشكيك في العمليات الأمنية جزءًا من العقيدة الإرهابية، كما أكد ذلك الناطق الرسمي باسم مصالح الأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، بوبكر سبيك. فالتنظيمات الإرهابية لا تقتصر فقط على تنفيذ الهجمات، بل تعمل على تقويض أي جهد لمكافحتها عبر نشر الأكاذيب وترويج الادعاءات الكاذبة بأن العمليات الأمنية “مفبركة” أو “موجهة”. هذا التكتيك ليس جديدا، إذ سبق أن استخدمته “داعش” وغيرها من التنظيمات الإرهابية لإضعاف الدول المستهدفة وزرع الشك في مجتمعاتها.

محمد حاجب، ومن على شاكلته، يمارس هذه اللعبة بوقاحة مكشوفة. فبمجرد إعلان المغرب عن تفكيك خلايا إرهابية، يخرج على منصاته المشبوهة لينكر الواقع ويهاجم الأجهزة الأمنية، متناسيا أن جرائمه موثقة، وتاريخه في التطرف معروف، وإدانته بتهم الإرهاب لم تأتِ من فراغ.

لم يقتصر نشاط محمد حاجب على التشكيك في الإرهاب، بل تعداه إلى التحريض المباشر على العنف. ففي مقاطع فيديو منشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، سبق له أن دعا علنا إلى تنفيذ عمليات انتحارية تستهدف قوات الأمن، مطالبا الشباب الراغب في الانتحار بسبب ظروف نفسية أو اجتماعية بأن “يموت في مواجهات ضد قوات حفظ النظام في الشارع” بدلا من إنهاء حياته وحيدا.

هذه الدعوة ليست سوى إعادة إنتاج لخطاب التنظيمات الإرهابية التي تبرر العمليات الانتحارية تحت غطاء ديني أو سياسي، وهو ما يتطابق مع خطاب القاعدة في أوج نشاطها، حينما كانت تعتمد على غسل الأدمغة وتحويل الشباب المحبط إلى أدوات للقتل والتفجير. حاجب لم يكن يروج فقط لأفكار متطرفة، بل كان يدعو بشكل صريح إلى العنف، ما يضعه في خانة المحرضين المباشرين على الإرهاب، وفقا للقوانين الوطنية والدولية.

بل إن خطابه التحريضي هذا جاء متزامنا مع حملته الإعلامية لتشويه جهود المغرب في مكافحة الإرهاب، مما يكشف أنه يعمل وفق أجندة محددة تتجاوز مجرد “إبداء الرأي”، إلى محاولة زرع الفوضى وإشاعة التطرف.

إضافة إلى ذلك، فإن حاجب يعمل بتنسيق واضح مع النظام الجزائري وأذرعه الإعلامية، حيث تتزامن خرجاته الإعلامية مع الحملات التي تقودها الجزائر ضد المغرب. فهو يروج، جنبا إلى جنب مع إعلام الكابرانات، لنظرية المؤامرة التي تزعم أن المغرب “يفبرك” العمليات الإرهابية لأغراض سياسية، متناسيا أن الإرهاب ليس ورقة سياسية، بل تهديد حقيقي أوقع ضحايا أبرياء في دول عديدة، بما فيها ألمانيا التي أدانته واعتبرته إرهابيا سنة 2009.

إن محاولات محمد حاجب للترويج لرواية “الاضطهاد” لم تصمد أمام الوقائع القضائية. فقد أكد القضاء الألماني مؤخرا، أن سفر حاجب إلى باكستان سنة 2009 كان لأغراض إرهابية، حيث صنفته المخابرات الألمانية آنذاك كخطر أمني نظرا لتورطه في أنشطة ذات طابع متطرف. كما أن لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة أثبتت عدم تعرضه لأي تعذيب أثناء التحقيق في المغرب، ما ينسف كل ادعاءاته التي حاول الترويج لها لكسب التعاطف.

إضافة إلى ذلك، فإن حاجب فشل في إعادة فتح ملفه في ألمانيا رغم كل محاولاته، ما جعله يبحث عن أي وسيلة لتبرير موقفه، حتى لو كان ذلك عبر استجداء دعم شخصيات مثل محمد الديحاني، الذي يحاول تسييس ملف الإرهاب وربطه بقضية الصحراء المغربية. حاجب، العاجز عن تحقيق أي انتصار قانوني، يحاول الآن تسويق نفسه كـ”معارض حقوقي”، متجاهلا أن سجله الإرهابي معروف وأن الدولة الألمانية نفسها لم تصدق أكاذيبه.

إن خطاب حاجب لا يضر فقط بسمعة الأجهزة الأمنية، بل يشكل خطرا حقيقيا على أمن المغرب واستقراره. فهو يخلط بين التشكيك في جهود مكافحة الإرهاب والتحريض المباشر على العنف، مما يجعله أكثر خطورة من مجرد “صوت معارض”.

هذا المزج بين الدعاية الإرهابية والتحريض المباشر على العنف يجعل حاجب جزءًا من ماكينة التطرف العالمي، حيث يعمل على توفير الغطاء الإعلامي للإرهابيين عبر التشكيك في جهود الأمن، ثم يقدم لهم التحفيز المباشر من خلال خطاب الكراهية والدعوة إلى العنف.

لم يعد خافيا أن محمد حاجب مجرد مرتزق إعلامي يعمل لحساب من يدفع أكثر. فبعد أن فشل في إعادة تأهيل صورته في ألمانيا، لجأ إلى المتاجرة بملف حقوق الإنسان للهجوم على المغرب، متحالفا مع شخصيات مثل محمد الديحاني، الذي يُعرف بصلته بتنظيمات إرهابية وبترويجه لروايات تتماشى مع الدعاية الجزائرية. هذا التنسيق المكشوف بين حاجب والديحاني ليس مجرد “توافق آراء”، بل هو جزء من استراتيجية أكبر تهدف إلى تبييض صورة الإرهاب وتشويه الجهود المغربية لمحاربته.

إن التشكيك في الإرهاب ليس موقفا “حقوقيا” أو “معارضا”، بل جزء من بروباغندا الإرهاب نفسه. عندما يهاجم محمد حاجب العمليات الأمنية الناجحة، فهو لا يدافع عن “العدالة”، بل يمارس دور المحامي عن الإرهاب. وعندما يتناغم خطابه مع دعاية الجزائر، فهو لا يعبر عن “رأي مستقل”، بل ينفذ أجندة مدفوعة الأجر.

لكن الأخطر من ذلك كله، أن حاجب لم يكتفِ بالدعاية، بل تجاوزها إلى التحريض المباشر، مما يجعله مجرما إرهابيا وفقا للقوانين الوطنية والدولية. وأمام هذا الواقع، يبقى الرد الوحيد هو التصدي لهذا النوع من الخطاب بصرامة قانونية وإعلامية، لأن محاربة الإرهاب لا تقتصر على مواجهة المنفذين، بل تشمل أيضا محاربة مروجيه والداعين إليه، ومن بينهم محمد حاجب.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة