• ماي 2, 2025

هشام جيراندو يواجه سقوطه المحتوم في قبضة العدالة والحقيقة !

لم يكن سقوط هشام جيراندو سوى مسألة وقت، فقد دخل إلى عالم “الإعلام البديل” لا بحثا عن الحقيقة، بل لتأسيس مشروع ابتزازي قائم على التشهير والاستفزاز بغرض تحقيق مكاسب شخصية. وعندما ضاق الخناق عليه، لم يجد سوى الهروب نحو خطاب المظلومية، محاولا إعادة تقديم نفسه كضحية لـ”مؤامرة كبرى” تُحاك ضده.

لكن الحقيقة التي لم يستطع إخفاءها، حتى في لحظات “توضيحه المهم جدا”، هي أنه كشف نفسه بنفسه. فقد اعترف بأنه بدأ مشواره الإعلامي بالهجوم على المؤسسة الملكية، قبل أن يتراجع بناءً على طلب” من محيطه، وهو ما يؤكد أن مواقفه لم تكن يوما قائمة على قناعات، بل على تكتيكات ظرفية تُكيف حسب المصلحة. وهذا تماما ما يفسر تخبطه الحالي. فعندما نفذت أوراق الضغط والابتزاز، لجأ إلى خطاب العاطفة والاستجداء.

جيراندو يروج لفكرة أنه ضحية استهداف، متناسيا أنه هو من اختار طريق التصعيد، بل وجعل من التشهير أسلوب عمله. وعندما اصطدم أخيرا بجدار العدالة، سواء في كندا حيث يواجه دعاوى قضائية، أو في المغرب حيث بات واضحا أنه يتزعم شبكة إجرامية للابتزاز والتشهير، بدأ في الحديث عن “الحوار” و”الوساطات”. لكن، أي حوار هذا الذي يريد؟ وهل يعتقد أن الدولة يمكن أن تخضع لمبتز لمجرد أنه يصرخ بصوت أعلى؟

إنه يعلم جيدا أن المعركة قد حُسمت، وأنه فقد القدرة على التأثير الذي لم يكن عنده أصلا، ولهذا لم يعد أمامه سوى استجداء الرأي العام وإقناعه بأنه “مجرد مناضل حر يتعرض للاستهداف”. لكن الواقع أن هشام جيراندو لم يكن يوما مناضلا ولا محاربا للفساد، ولم يكن حرا، بل كان مرتزقا باحثا عن الفرص، يستخدم لغة التهديد عندما يكون في موقع قوة، وخطاب الضحية عندما يُحاصر.

أحد أكثر مظاهر التناقض التي وقع فيها جيراندو هو موقفه من العدالة. فهو يهاجم القضاء المغربي ويتهمه بعدم الاستقلالية، بينما في الوقت ذاته يصرخ احتجاجا على الدعاوى المرفوعة ضده في كندا بتهم التشهير والتهديد. كيف يمكن لمن يطالب بالعدالة أن يرفضها حين تكون ضده؟ وكيف يمكن لمن قضى سنوات وهو يستغل منصات التواصل الاجتماعي للهجوم على الآخرين أن يطلب الآن “الصفح والتفاهم”؟

هذه الازدواجية ليست سوى انعكاس لعقلية شخص اعتاد أن يعمل خارج القانون، لكنه تفاجأ عندما وجد نفسه في مواجهة قوانين أقوى منه، لا تخضع لمنطقه الابتزازي ولا تعترف بـ”استثناءاته”. وهذا ما يفسر الارتباك الذي ظهر عليه في آخر خرجاته، حيث بدا تائها بين لغة التحدي ولغة الاستعطاف.

جيراندو اليوم يعيش أسوأ كوابيسه: لا هو قادر على مواصلة أسلوب الابتزاز، ولا هو قادر على إقناع الناس بأنه مجرد “مناضل مظلوم”. لقد انكشف أمره، وأصبح مجرد نسخة مكررة لمن سبقوه إلى هذا الطريق، حيث البداية تكون بالصراخ العالي والاتهامات الكبيرة، والنهاية تكون إما بالعزلة أو بالملاحقات القانونية.

إن الدولة لا تخضع للمساومات، والقضاء لا يتأثر بالصراخ، والجمهور لم يعد يصدق المسرحيات الرديئة. والواقع يقول أننا أمما رجل يمشي على حبل مشدود، مهدد بالسقوط، ممسكا بمظلة “تحدي” لم تعد تحميه، فيما الأرض من تحته مملوءة بصواريخ العدالة التي تنتظر لحظة انهياره النهائي.

ختاما، يمكن القول إن “توضيح جيراندو المهم جدا” لم يكن سوى اعترافا صريحا بسقوطه، وسواء أقر بذلك أم لا، فإن العد التنازلي لنهايته الإعلامية والقضائية قد بدأ.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة