• ماي 2, 2025

“ترياق السموم”.. هشام جيراندو يُسمي الأشياء والحقائق بغير مسمياتها (كاريكاتير)

قلناها سابقا، ونعيدها اليوم، مؤدى الهلوسة واعتبار الآخر “خطر قائم ومستمر” هو السقوط في جُب معاداة الحياة نفسها والعيش على هامشها أو حتى المرور منها مرور “الكيران”، التي لا تخلف ورائها إلا جعجعة من الغبار الكفيل بتضييق مجال الرؤية وخلق حشرجة في الروح تدفع المرء، بدل، الانكباب على فهم المشهد في كليته يجنح “لا إراديا” إلى التمسك بزاوية وحيدة تضعه في موقع “البروج العالية” وتضع خصومه “المفترضين” موضع المعاول الهدامة التي تأتي القلاع “الهشة” من أسفل دعاماتها.

إننا كلما أمعنا النظر في ما يُنشر، بانتظام، من تلفيقات عبر وسائل التواصل الاجتماعي من توقيع عصاة الوطن إلا والأسئلة تُحاصرنا. لماذا يتوجسون خيفة من أن تنقلب حياتهم إلى فيلم هوليودي جدير بالمشاهدة، في زمن آت، من باب أخذ العبرة لا الفرجة؟ إلى أين قد يصل جياع حب الوطن وهم يُنازعون الأمرين كي يصنعوا من أنفسهم “بهتانا” مشروع “جمال خاشقجي” زمانهم؟ هل تمت ما يُهدد حياة الخونة أم يَعْرِضُونَ رقابهم لذلك لخلق هالة من العظمة حول شخصهم؟ لماذا يربط كل من أراد العُلَى اسمه باسم المخابرات، أكانت مغربية، أمريكية أو إسرائيلية؟.

وجوابا على الأمر نقول، على قدر التجاوزات تأتي المخاوف ومن يَنتهك يعيش متيقظا، بإفراط ومبالغة، من أن تُنتهك حياته على حين غفلة منه. لذلك، ليس عجبا أن يُفبرك هشام جيراندو سيناريوهات، بين الفينة والأخرى، يحذرنا فيها من أياد غادرة قد تَنفخ “تعويذات” في وجهه حتى يصير في تعداد المفقودين. أو حتى أن يُقرأه أحدهم السلام فيجد نفسه مرميا في أدغال اندونيسيا على طريقة فيلم Seul au monde.

واحتكاما منه لنصائح المصادر العليمة “اللي خاف نجا”، فإن “الكندي” المتشرد بشوارع وأزقة اندونيسيا قد قرر عدم تذوق “الموز المقلي المقرمش” الاندونيسي، وهي وصفة يشتهر بها المطبخ الأسيوي مخافة أن تطالها يد “مول البليزة” ويدس له سما فيها يخنق أوداجه ويصم قصاباته الهوائية إلى الأبد. ولأن المطبخ يبقى حلقة أساسية في أي تجربة سياحية، فإن بائع الخردة التركية يعيش بين نار سياحة لم يقم بها ولا استمتع بتفاصيلها أصلا وبين رعب نفسي يخلق له حربا طاحنة لا وجود لها إلا في مناماته.

وعطفا على “ما سبق” من تحايل ونصب واحتيال وكذا بطولات وهمية يعتقد الرجل أنه خاضها بشرف وشجاعة قلت نظيرتها، نرفع اللثام عن واقع مُتوقع يتهرب منه، إما بشطارة الماكر أو باختلال لموازين العقل لديه. بدءا بفيلم “السحر الأسود” ثم “سم البصمة”، مرورا ﺑ “مول البليزة” وصولا إلى “المصادر المثقوبة”، هي كلها التفاف واضح حول العدالة التي تزحف نحوه شيئا فشيئا لتسميم حياته. ما من مجرم إلا ويرى في إحقاق العدالة وإنفاذ القانون “تسميم” لحياة “السيبة” التي اعتاد عليها وعلى خياراتها الواسعة دون حسيب أو رقيب.

وإلى سيناريو جديد يا هشام جيراندو.. دام “الخيال المترامي الأطراف” زادك في الرضا عن النفس الأمارة بالسوء ودامت العدالة هنا وهنالك “ترياق السموم” من أمثالك”، ممن يرون في مطارات العالم “وكالة من غير بواب” تخرق قواعد الملاحة الجوية كي تنقل المواد المحظورة عالميا والمستعملة في الحروب البيولوجية، كالسموم لتصل جوا وتُسمم بدنك برا.

سمعنا دجالا يكذب ولم نسمع رجلا حكيما يدعو لفتح تحقيق جدي في النازلة إن وجدت أساسا !!!  

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة