زعيم سياسي أم ناشط فايسبوكي؟ بنكيران يسب مواطنين ويتطاول على الدولة!
تفكيك شبكة إجرامية بقيادة عنصر من العدل والإحسان.. الأمن المغربي يكشف خيوط التلاعب في وثائق التأشيرات والهجرة السرية
في ضربة أمنية جديدة تؤكد اليقظة المستمرة والتنسيق العالي بين المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، تمكنت المصالح الأمنية بمدينة وجدة، يوم الإثنين 22 أبريل 2025، من توقيف أحد الأطر المحسوبين على جماعة العدل والإحسان المحظورة، وذلك لتورطه في شبكة إجرامية خطيرة متخصصة في تزوير الوثائق الإدارية الخاصة بطلبات التأشيرة وتنظيم الهجرة غير الشرعية نحو أوروبا.
الموقوف كان مبحوثًا عنه منذ 18 أبريل الجاري، بعد ورود اسمه في تحقيقات أمنية دقيقة قادت إلى تفكيك الشبكة ذاتها بتاريخ 15 أبريل، حيث تم حينها إيقاف خمسة أفراد، أربعة منهم بمدينة وجدة والخامس بمدينة أحفير، من بينهم عنصران من ذوي السوابق القضائية.
المشتبه فيه الذي ينتمي لجماعة “العدل والإحسان” لم يكن مجرد فاعل ثانوي في هذه الشبكة، بل تشير المعطيات الأولية إلى أنه كان يمثل إحدى الواجهات التنظيمية التي تشتغل في الخفاء لتأمين الدعم اللوجستي والمالي لهذه العمليات المشبوهة، مستغلًا الغطاء الجمعوي والدعوي الذي تتوارى خلفه الجماعة في مختلف المدن.
وقد أسفرت عملية التفتيش بمنزله عن حجز جواز سفر لا يعود إليه، ومبالغ مالية مهمة بعملات مختلفة (الدرهم واليورو)، وشيكات بنكية باسم الغير، إضافة إلى هاتف محمول يُعتقد أنه كان يستخدم لتنسيق أنشطة التزوير والتهريب.
وتأتي هذه المستجدات لتؤكد أن هذه الشبكة لم تكن مجرد عصابة عشوائية، بل تنشط ضمن تنظيم منسق وممنهج يستغل هشاشة الوضع الاجتماعي لشباب المنطقة، ويوهمهم بإمكانية الهجرة إلى “الفردوس الأوروبي” بوثائق مزورة ومبالغ مالية باهظة.
الأخطر من ذلك، أن التحريات كشفت وجود تعاون داخلي بين عناصر من الجماعة المحظورة لتمويل هذا النشاط الإجرامي، وتوفير الواجهات القانونية لتغطية أعمال التزوير، من خلال شركات وهمية أو عقود مزيفة يتم تضمينها ضمن ملفات طلب التأشيرة.
وفي إطار هذه القضية، كانت المصالح الأمنية قد حجزت في 15 أبريل مجموعة من العقود المزورة، وطوابع إدارية مقلدة، وأجهزة حاسوب وطابعات استُعملت في التزييف، مما يؤكد أن الأمر يتعلق بمنظومة كاملة لها بنيتها وأدواتها.
وقد تم إخضاع المشتبه فيه الجديد لتدابير الحراسة النظرية، بإشراف مباشر من النيابة العامة المختصة، قصد تعميق البحث والكشف عن باقي خيوط الشبكة، وتحديد الجهات الداعمة لها، سواء داخل الوطن أو خارجه.
ويُنظر إلى هذه العملية كجزء من معركة المغرب ضد شبكات التزوير والتهريب والإرهاب المالي، خاصة حين يتورط فيها عناصر ذات خلفيات أيديولوجية متطرفة، تُوظف الدين كواجهة لتبرير أنشطة تمس بأمن واستقرار البلاد.
ولا يمكن فصل هذا الملف عن سياق أوسع يتعلق بتصاعد أنشطة جماعة العدل والإحسان في محاولات بائسة للعودة إلى الواجهة عبر قضايا مشبوهة، مستغلة مواقع التواصل الاجتماعي والخطاب العاطفي، فيما تكشف التحقيقات الأمنية يوما بعد يوم الوجه الخفي لهذه الجماعة التي تنكرت للمسؤولية الوطنية وقررت السباحة في وحل الفوضى والتشكيك والمؤامرة.
إن هذه الواقعة تدق ناقوس الخطر، من التسلل الهادئ لجماعات محظورة إلى قطاعات حساسة، كالتكوين، والتأطير الجمعوي، والعمل النقابي، وهو ما يستوجب يقظة دائمة، وتعاوناً مجتمعياً واسعاً لفضح مثل هذه التحركات المشبوهة.