كاريكاتير.. المؤسسات الأمنية المغربية دايرين “الحلاقم” لشي “قماقم”
كاريكاتير.. المؤسسات الأمنية المغربية دايرين “الحلاقم” لشي “قماقم”
لطالما شكلت المؤسسات الأمنية ركيزة أساسية في بناء الدولة وحفظ استقرار المجتمعات، فهي الضامن الأول لحماية الحدود، وصيانة النظام العام، والدفاع عن سيادة القانون. وفي مختلف أنحاء العالم، تتنوع أشكال هذه المؤسسات وتتوزع اختصاصاتها بين الشرطة، الجيش، الاستخبارات، والأجهزة الأمنية الموازية، إلا أن هدفها المشترك يظل هو تحقيق الأمن الوطني والدولي، والتصدي للجريمة المنظمة، والإرهاب، والمخاطر المتزايدة لا سيما في عصر العولمة و التطور التكنولوجي، بالإضافة إلى لعب هذه المؤسسات دورا محوريا في تعزيز ثقة المواطنين بدولتهم، واستتباب السلم.
و إذا كان ضمان حماية الحقوق والحريات ضمن إطار القانون من واجب هذه المؤسسات فإن احترامها ليس خيارا، بل واجب مقدس على كل فرد يعيش على هذه الأرض، لأنها تضحي بالغالي والنفيس في سبيل حماية الأرواح والممتلكات، و من الواجب على المواطن الواعي الإدراك أن التعاون مع رجال الأمن واحترامهم دليل على الانتماء والمسؤولية، وأن الاستهانة بهم أو التشكيك في نزاهتهم يضعف هيبة الدولة ويعرض الأمان العام للخطر. لذا، يجب أن نقدر جهودهم، ونلتزم بالقوانين، ونتعامل معهم بثقة واحترام، لأنهم يمثلون شرع الدولة وسيادتها.
و قد تصادف يوما بعض العصاة الناقمين الحاقدين و الذين و من كثرة محاولات تسفيه هذه المؤسسات الأمنية و النبش في أسرارها يصيبك الدوار وتغشاك كآبة الفكر حين تطالع هرطقاتهم وهم يشرعون في تحليل شؤون هذه الأجهزة لما تحمله من سطحية و هزالة، و على رأسهم يتربع بطبيعة الحال المبتز المجرم المسمى هشام جيراندو و الذي اعتاد أن يعوي كل صباح ككلب نزق، يهش الريح ولا يرد عنها نفعا ولا ضرا، يتقافز بين حساباته الرقمية كما تتهافت الكواسر على عظم نبذ في العراء و يتطاول على من لا يدرك موقعهم ولا يلحق بمقامهم، وإن فتشت في منطوقه لن تجد إلا حشوا من لغو وسفسطة و مغالطات، يزعم بها لنفسه منزلة ما نالها علما ولا صدقا ولا سداد رأي.
هشام جيراندو بلغت به ضغينته تجاه المؤسسات الأمنية مبلغا لم يسبقه إليه أحد من أهل البهتان، إذ خرج على الناس بتسجيل صوتي زعم أنه لضابط استخباراتي شارك في اغتيال هشام المندري، ومتاجرا بدم طواه النسيان كما هي عادة الباحثين عن الإثارة الرخيصة أمثاله، زاعما أنه فعلا يتحدث إلى عنصر أمني دون تقديم أي دليل أو قرينة، هذا الشخص الوهمي ظهرت عباراته ملفقة، وصياغته مشوشة، لا تشبه تماما لغة من تمرس في دهاليز المخابرات، بل توحي بصنعة مبتذلة و سيناريو ركيك حِيك من خلف الشاشات.
ما أغفله جيراندو، في غمرة انشغاله بالتفاهات، هو أن القضاء المغربي لم يكن معنيًا البتة بقضية هشام المندري. إذ بدأت التحقيقات تحت إشراف الشرطة الإسبانية والفرنسية، اللتين بذلتا جهودًا مضنية امتدت لأكثر من عام ونصف، قبل أن تنجحا في كشف هوية القاتل. فقد تمكن الحرس المدني الإسباني من تحديد المجرم، الذي يحمل اسم حميد بوهادي، بعد سلسلة من التحريات الدقيقة والمثابرة المتواصلة.
ولعل هشام جيراندو، و هو المهووس بتقليب تراب الموتى، و الذي لا يتوانى عن النبش في قبورٍ طمِرَت منذ سنوات طويلة، أن سعيه الدائم لاكتشاف الماضي ليس سوى محاولة بائسة للعودة للأضواء و إعادة البريق لقناته كلما تراجعت نسب مشاهداتها، لا يأبه بأي حرمة للموتى، ولا يأخذ في اعتباره حرقة أهلهم و عوائلهم الذين لا يزالون يقاسون فقدانهم و لا يتوقف عن استغلال ذكريات الراحلين وكأنها سلعة رخيصة، يتلاعب بها كيفما يشاء ليحقق مكاسب شخصية و إعلامية، معتقدًا أن النبش في الماضي و السير في درب التشويه سيُنعش مكانته الرقمية ولو للحظة.
لقد جعل جيراندو من قضية هشام المندري مادة دسمة للتهييج، ووجد في مراد الصغير وسيلة لتأجيج الانقسامات، بل لم يتورع عن الزج باسم عبد الله باها في سيناريوهات رخيصة و أوهى من خيوط العنكبوت، محاولًا إلباسه ما لا يُحتمل من التهم والظنون.. لا يعترف جيراندو بحقيقة أن الراحلين غادروا دون أن تُسمع لهم همسات و دفنت معهم أسرارهم للأبد، كما أنهم ليسوا بحاجة لأن يكونوا أداة في معركة إعلامية رخيصة، بل يواصل التنقيب في اللحود وكأن ذلك يمنحه القوة و البرهان و الشرعية، في حين أن الحقيقة هي أنه يعري نفسه ويكشف عن هشاشته في كل مرة يختلق فيها الأكاذيب، لتصبح ذكريات الموتى موضوعا للتطاول عبر الشاشات.
الظاهر أن الخسيس جيراندو، و من شدة نباحه اليومي في حق المؤسسات الأمنية، قد نال أخيرا جزاء حنجرته، فداهمه التهاب اللوزتين “الحلاقم” كما تداهم الحقيقة كذبة واهنة.. ولسنا نعلم أكان المرض غضبا بيولوجيا من الجسد على ما يخرجه من فحيح، أم أن الأحبال الصوتية نفسها قد ضاقت ذرعا بترديد الافتراءات فقررت إعلان العصيان؟.. و لعل اللوزتين، وهما من أضعف أعضاء الجسد، امتلكتا من الوعي ما لم يمتلكه صاحبها، فاستصرختا الطب لعل صوته يغيب قليلا، وترتاح الآذان من ضوضاء التخمين والتلفيق و الإفك.