التفاصيل الكاملة لمجلس الوزراء برئاسة جلالة الملك وجميع الأسماء المعينة من الولاة والعمال والسفراء
عبد اللطيف حموشي… وحروب الظلال الإلكترونية
في الزاوية المعتمة من هذا العالم الرقمي، حيث تُطعن الكلمات دون أن تنزف، وحيث لا يحتاج الحبر إلى ورق ليرتكب جريمته، يقف رجل لا يحمل سيفا، بل ظلّه فقط. إنه عبد اللطيف حموشي، المدير العام للمديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، رجل لا يصنع الضجيج، بل يصغي إليه وهو يعبر فوقه.يقترب السادس عشر من ماي، تاريخ الذكرى السنوية لتأسيس الأمن الوطني، وفي كل عام، يصير هذا التاريخ موعدا مؤجلا مع اللغو، مع حروبٍ تبدأ دون إعلان، وتنتهي دون اعتراف. كأن هذا الوطن لا يُحتفل فيه بمن يحرسه، بل يُهاجم فيه من يحرس الحلم فيه من التبخر.تتكاثر الحروف مثل نملٍ على السكر، تلتصق بكل ما هو لامع، وتحاول تشويهه، لا لأنها تكره النور، بل لأنها اعتادت العيش في العتمة. أما الذين يقفون خلف الشاشات، فلا وجوه لهم، ولا ملامح، فقط أصابع مرتجفة تكتب ما لا يجرؤون على مواجهته في الضوء.لكن الرجل الذي نجا من العواصف، لن تغرقه قطرة حقد. والذي اعتاد أن يعمل في الظل، لا يزعجه صراخ من لا يعرفون سوى الضوء المصطنع. إنه يعرف، ببساطة، أن الجدران العالية لا تُبنى بالتصفيق، بل بالدمع والليل الطويل.وما لا يعرفه كثيرون هو أن عبد اللطيف حموشي ليس فقط رجل أمن في وطنه، بل صار مرجعا إقليميا ودوليا في محاربة الإرهاب وتفكيك خلاياه قبل أن تولد. فالرجل الذي كرّمته فرنسا، ومنحته أوسمتها الرفيعة، واحتفت به أجهزة استخباراتية عالمية، لم يُكرَّم لأنه يرفع صوته، بل لأنه يعرف متى يصمت ومتى يضرب.في باريس، في مدريد، في واشنطن، يُذكر اسمه باحترام. لا لأنهم يحبونه، بل لأنهم يعرفون أن ما بين يديه ليس سلاحا فقط، بل معرفة، وخبرة، وبوصلة لا تتعطل. فهو الذي نسج علاقات ثقة مع أقوى الأجهزة، لا من باب التبعية، بل من موقع الندّ والمهنية الصلبة.ما الذي يُقلقهم؟ هل هو حضوره الذي صار أطول من ظلّهم؟ أم تلك الصلابة التي لا تحتاج إلى صخب لتُقنع؟ إنهم لا يهاجمونه لأنه فشل، بل لأن نجاحه جعلهم يشعرون بأنهم عراة أمام المرايا.وحين يشتد الهجوم، لا يردّ. لا لأنه لا يملك ما يقول، بل لأنه يعرف أن السكون أحيانا أبلغ من أي بيان. وأن القيم لا تُشرح، بل تُعاش. وأن الانتماء ليس شعارا يُرفع، بل فعلٌ يُمارس في الصمت، في العزلة، في الطمأنينة الصلبة.تاريخ الوطن لا يُكتب بالحروف السريعة، ولا في التعليقات المتسخة، بل في المواقف التي تُبنى على حجر، لا على وهم. وعبد اللطيف حموشي، رجل لا يلتفت، لا لأنه متكبر، بل لأنه يرى أبعد من عيون الذين يهاجمونه.هو ليس بطلا من ورق، ولا أسطورة تُصاغ لتُنسى، بل رجل يشبه الأيام الصعبة التي تمرّ ولا تنكسر. يشبه الوطن حين يتألم ولا يشكو، وحين يُهاجم ولا يردّ، لأنه يعرف أن الوطن، حين يُحمى من الداخل، لا يسقط من الخارج.ما أكثر الهجمات، وما أضعفها. وما أصدق المواقف، حين تُبنى في صمت. سيكتب التاريخ عن الذين بنوا، لا عن الذين علقوا فوق الخراب. وسيبقى عبد اللطيف حموشي، رجلا من نارٍ وهدوء، يمشي بين الظلال، ولا تلمسه. رجلا لم تمنحه الأوسمة هيبته، بل منحها هو معناها.