الذكرى 69 لتأسيس الأمن الوطني… تحول استراتيجي في عقد من التحديث بقيادة عبد اللطيف حموشي

تحل الذكرى التاسعة والستون لتأسيس المديرية العامة للأمن الوطني، وهي مناسبة تتجاوز حدود الاحتفال البروتوكولي لتلامس عمق التحول الذي شهدته هذه المؤسسة منذ أن رأت النور سنة 1956.

فالأمن الوطني لم يكن يوما مجرد جهاز أمني ضمن بنيات الدولة، بل ظل حارسًا للسيادة، وضامنًا لاستقرار المجتمع، ومرآة تعكس يقظة المغرب في وجه كل ما يهدد أمنه وطمأنينته.

هذه السنة، تكتسي المناسبة بعدا خاصا، إذ تتزامن مع مرور عشر سنوات على تولي السيد عبد اللطيف حموشي منصب المدير العام للأمن الوطني، وهو الرجل الذي طبع العهد الجديد للأمن المغربي ببصمته الخاصة، المستندة إلى خلفية استخباراتية عميقة، وتصور عصري لمفهوم الشرطة في زمن متغير.

قدوم عبد اللطيف حموشي إلى رأس الأمن الوطني سنة 2015 لم يكن مجرد تعيين سيادي، بل بداية مرحلة جديدة، أعيد فيها تشكيل ملامح الجهاز من الداخل، على مستوى الهيكلة، والمهام، والرؤية.

فالرجل لم يأت من فراغ، بل من قلب المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، حيث راكم تجربة فريدة في العمل الاستخباراتي والتصدي للتحديات الأمنية الكبرى، خاصة تلك العابرة للحدود. هذه التجربة لم تنقل كما هي، بل تم تطويعها لتناسب الواقع الشرطي اليومي، حيث المواطن هو نقطة الانطلاق والغاية.

طيلة السنوات العشر الأخيرة، شهدت المديرية العامة للأمن الوطني تحولا ملموسا، لم يقتصر على الشكل بل مس الجوهر. تحسنت البنية التحتية لمراكز الشرطة، وتطورت ظروف اشتغال نساء ورجال الأمن، وتم اعتماد الرقمنة في عدد من الخدمات، من بطائق التعريف إلى الشكايات، وصارت الشرطة حاضرة في الميدان بشكل أكثر فاعلية وهدوءا.

بل أكثر من ذلك، تم ترسيخ ثقافة جديدة، تجعل من رجل الأمن شخصا منفتحا، محترما للقانون، قريبا من المواطن، صارما في أداء مهامه، ومؤمنا بأن الثقة لا تفرض بالقوة، بل تكتسب بالممارسة.

لم يكن هذا التحديث سهلا، ولا عابرا، بل نتيجة لتوازن دقيق بين ما تتطلبه الدولة من هيبة، وما يستحقه المواطن من احترام.

وفي هذا السياق، يظهر واضحا أن القيادة الحالية للأمن الوطني أدركت أن العصر لا يرحم التردد، وأن الزمن الأمني الجديد يحتاج إلى شرطة تواكب العصر، دون أن تفقد روح الانضباط. فبين الميدان والمعلومة، بين الاستباق والتدخل، بين الردع والوقاية، برز نموذج أمني مغربي يشاد به في الخارج، ويتعزز في الداخل.

ويأتي السادس عشر من ماي ليذكرنا أيضا بمحطات مفصلية في الذاكرة الجماعية، من أبرزها تفجيرات الدار البيضاء سنة 2003، التي كانت صدمة موجعة، لكنها تحولت إلى نقطة يقظة كبرى.

ففي مواجهة الخطر الإرهابي، تعلم المغاربة، ومعهم المؤسسة الأمنية، أن لا مجال للعشوائية، وأن الأمن لم يعد شأنا تقنيا فقط، بل قضية مجتمع، وثقافة مؤسسات، ورؤية شاملة.

واليوم، بعد مرور عقود من تلك اللحظات، يمكن القول إن المغرب بنى منظومة أمنية ناجعة وشاملة، قائمة على العمل الميداني، والتحليل الدقيق، والتعاون الدولي، دون أن يتنازل عن خصوصيته في احترام التوازنات الداخلية.

إننا لا نحيي مجرد ذكرى عددية، بل نُجدد العهد مع مؤسسة تحولت، في عهدها الجديد، من جهاز أمني تنفيذي إلى رافعة استراتيجية للأمن والاستقرار والتنمية.

واليوم، بعد 69 سنة من التأسيس، و10 سنوات من التحديث بقيادة عبد اللطيف حموشي، تثبت الشرطة المغربية أنها قادرة على التجدد، وعلى المضي قدما في خدمة المواطن، بقلب صارم وعقل منفتح.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة