من الكوكايين إلى العقارات المشبوهة.. أبناء الرئيس عبد المجيد تبون في قلب فضيحة فساد كبرى في فرنسا

في مشهد جديد يكشف ازدواجية خطاب النظام الجزائري، فجّر الصحفي الفرنسي-الجزائري محمد سيفاوي قنبلة إعلامية، تتعلق بتورّط أبناء الرئيس عبد المجيد تبون في قضايا فساد مالي بفرنسا، وذلك خلال ظهوره على برنامج “بدون طابوهات مع عبدو” الذي يقدمه الإعلامي عبدو السمار، المعروف بتحقيقاته الجريئة.

لم تكن هذه الخرجة مجرد تعليق عابر، بل جاءت تتويجا لسلسلة تحقيقات أعدها سيفاوي، أبرزها المقال الصادر في Le Journal du Dimanche بتاريخ 10 ماي 2025، والذي تطرق لما سماه “الأنشطة الاستخباراتية الجزائرية في فرنسا”، ووجّه فيه أصابع الاتهام مباشرة إلى النظام الجزائري ورأس هرمه.

لكن الجديد كان أكثر إحراجا: السلطات الفرنسية تدرس رسميا تجميد ممتلكات كبار المسؤولين الجزائريين على أراضيها، ومن بينهم – بحسب سيفاوي – ابنا تبون، محمد وخالد، في خطوة قد تخلط أوراق اللعبة السياسية بين باريس والجزائر.

في 28 ماي، كشفت مجلة L’Express أن وزارتي الاقتصاد والداخلية الفرنسيتين تدرسان اتخاذ إجراءات مالية بحق ما لا يقل عن عشرين مسؤولا جزائريا بارزا، ضمنهم أسماء أمنية وسياسية نافذة، على خلفية تصاعد التوترات الثنائية. النظام الجزائري رد بنبرة متحدية عبر وكالة الأنباء الرسمية قائلاً: “تفضلوا ونفذوا!”، زاعماً أن الأملاك المعنية تعود لمسؤولين سابقين لم يعودوا في السلطة.

لكن محمد سيفاوي اعتبر هذا الرد مجرد “مسرحية سياسية”، مشيرا إلى اطلاعه المباشر على الوثائق الفرنسية التي تؤكد أن القائمة تشمل 54 اسما، من ضمنهم 20 لا يزالون في مواقع المسؤولية، وآخرون من المتقاعدين المحيطين بالنظام الحالي.

ويتساءل سيفاوي: كيف يدّعي تبون محاربة فساد “العصابة” وهو نفسه أحد رموزها في مرحلة بوتفليقة؟ ولماذا لم تتطابق البيانات الرسمية حول استرجاع الأموال المنهوبة مع الواقع؟ ففي حين أعلن تبون عن استرجاع 20 إلى 30 مليار دولار، فإن تقرير Jeune Afrique يفند ذلك، مؤكدا أن إجمالي الموجودات المحجوزة فعليا لا يتجاوز 159 مليون دولار.

هذه الهوة بين التصريحات والوقائع، وفق سيفاوي، تكشف أن حملة “استرجاع الأموال” ليست سوى أداة لتصفية الحسابات، وليست مسعى حقيقيا لاسترجاع ثروات الشعب.

الضربة القاضية تمثلت في إعلان سيفاوي المباشر أن ولدي تبون، محمد وخالد، يملكان أموالا وممتلكات في فرنسا. خالد تبون، المعروف بضلوعه في فضيحة الكوكايين عام 2018، حظي بإفراج سريع بعد وصول والده إلى الرئاسة، رغم تورطه في تهم ثقيلة: استغلال النفوذ، والفساد، وتلقي هدايا غير قانونية.

أما محمد تبون، فيُقال إنه يشغل منصبا رفيعا بصفة غير رسمية كمستشار لوالده، رغم افتقاره لأي خبرة. وتربطه، حسب سيفاوي، علاقات مثيرة مع لوبيات اقتصادية، بينها رجال أعمال أتراك. وتشير التقديرات إلى أن أي تغيّر في المشهد السياسي الجزائري قد يدفع بالنيابة العامة الفرنسية إلى التحرك ضده.

في مفارقة ساخرة، يخلص سيفاوي إلى أن النظام الجزائري، الذي لا يكف عن مهاجمة فرنسا في خطاباته، يرسل أبناءه للعيش فيها، والدراسة، والتداوي، والاستثمار في أفخم شوارعها. بينما يُترك الشعب الجزائري يواجه الفقر، وسوء الخدمات، وانسداد الأفق.

“فرنسا الديمقراطية لا يجب أن تتواطأ مع ديكتاتورية تُجَمل نفسها بقناع مكافحة الفساد”، يختم سيفاوي، مطالبا بفتح الملفات، ومحاسبة المتورطين، بمن فيهم أبناء الرئيس.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة