تقرير أمريكي يكشف تعاظم ارتباطات “البوليساريو” بإيران وحزب الله وتنظيمات إرهابية على رأسها “داعش”

كشف تقرير حديث صادر عن مركز The National Interest الأمريكي، الذي أسسه الرئيس الأمريكي الراحل ريتشارد نيكسون، عن تصاعد الارتباطات بين جبهة “البوليساريو” الانفصالية وكل من إيران، و”حزب الله”، إضافة إلى جماعات إرهابية مسلحة، وعلى رأسها تنظيم “داعش”. وأكد التقرير أن فكرة إنشاء “دولة” للبوليساريو في منطقة الصحراء باتت مرفوضة وغير قابلة للتطبيق.

وأشار التقرير، المنشور في 9 يونيو 2025، إلى أن الدعم الأساسي الذي تتلقاه الجبهة يأتي من الجزائر وإيران، في وقت أصبحت فيه الحكومة السورية الجديدة تميل إلى دعم موقف المغرب في قضية الصحراء. وأوضح أن تحالف البوليساريو مع كل من الجزائر وطهران يعكس طبيعة خطيرة لهذا الكيان، ويجعله غير مؤهل لإقامة دولة مستقلة، قد تُستغل كقاعدة لانطلاق أنشطة معادية.

كما أشار التقرير إلى تحقيق سابق لصحيفة “دي فيلت” الألمانية، أكد وجود صلات مباشرة بين الجبهة و”حزب الله” اللبناني المدعوم من إيران. واستندت الصحيفة إلى تسجيلات هاتفية جرى التنصت عليها، جمعت بين مصطفى محمد لمين الكتاب، الذي وصفته بأنه ممثل البوليساريو في سوريا، وأحد عملاء حزب الله.

وخلال هذه المكالمات، أبدى “محمد لمين الكتاب” دعمه الأيديولوجي لمحور المقاومة الذي تقوده إيران، متحدثًا عن “جبهة موحدة” تشمل غزة، الجولان، جنوب لبنان، والصحراء. كما عبّر عن تأييده لتنفيذ هجمات منسقة ضد إسرائيل، بمشاركة حماس، حزب الله، الجزائر وإيران، وأعرب عن أمله في تلقي دعم إضافي من إيران وحزب الله لتنفيذ عمليات ضد السفارة الإسرائيلية في المغرب.

وتناول التقرير كذلك اتهامات وجهها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى إيران، بتسليح الجماعات المتطرفة والكيانات الانفصالية، ومن بينها البوليساريو، عبر تزويدها بطائرات مسيّرة بهدف زعزعة الأمن الإقليمي. وأشار إلى أن أحد قياديي الجبهة كان قد صرّح في عام 2022 بأن إيران تعتزم تزويدهم بطائرات انتحارية مسيّرة.

وأوضح التقرير أن “البوليساريو”، التي كانت تُعرف سابقًا كحركة قومية علمانية، أصبحت في السنوات الأخيرة ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأكثر الجهات تطرفًا في المنطقة. فبعد أن نشأت بدعم من كوبا ونظام القذافي على أسس ماركسية، تحولت اليوم إلى تهديد أكبر، خاصة مع سيطرتها على مخيمات تندوف جنوب غربي الجزائر، التي تأوي أكثر من 170 ألف صحراوي، والتي تحولت إلى بؤر لتجنيد الجهاديين ونقطة التقاء للتنظيمات المتشددة في منطقة الساحل.

وسجّل التقرير الأمريكي وجود روابط موثقة بين الجبهة وتنظيمات إرهابية، من بينها علاقة عدنان أبو الوليد الصحراوي، وهو عنصر سابق في البوليساريو، والذي أصبح قائدًا لتنظيم “داعش” في الصحراء الكبرى، قبل أن يُقتل على يد القوات الفرنسية في مالي عام 2021. كما ظهرت في عام 2008 خلية متطرفة تدعى “فتح الأندلس” في مخيمات تندوف، تبعتها خلية “الخلافة” في 2009، والتي أعلنت ولاءها لتنظيم “داعش”. ووفق تقرير استخباراتي ألماني، فإن “داعش” و”القاعدة” ينشطان بحرية في تلك المخيمات والمناطق الصحراوية المجاورة.

وأشار التقرير إلى أن جبهة البوليساريو أنهت في عام 2020 اتفاق وقف إطلاق النار الذي استمر 29 عامًا، ومنذ 2021 نفذت هجمات متكررة استهدفت مدنيين مغاربة. كما تواجه اتهامات مزمنة بتجنيد الأطفال في صفوفها، حيث وثّقت منظمة غير حكومية مقرها جنيف، أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، قيام الجبهة بحرمان الأطفال من التعليم ودفعهم إلى معسكرات التدريب العسكري والزج بهم في ساحات القتال.

وختم التقرير بالتأكيد على أن الدعوات لدعم الانفصال في الصحراء، والتراجع عن الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب عليها، لم تعد مناسبة في السياق الجيوسياسي الحالي. وأشار إلى أن مثل هذا الطرح ربما كان يجد آذانًا صاغية في تسعينيات القرن الماضي، لكنه اليوم يتعارض مع المصالح الأمريكية. فـ”البوليساريو لم تعد مجرد حركة انفصالية، بل باتت جزءًا من تحالف مناوئ للولايات المتحدة يضم إيران وتنظيمات إسلامية متطرفة”.

وانطلاقًا من دعم المملكة المتحدة لمقترح الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، خلص التقرير إلى أن التراجع عن الموقف الأمريكي الحالي سيقوّض أحد الحلفاء الإقليميين الرئيسيين في مكافحة الإرهاب والحفاظ على استقرار المنطقة، مؤكدًا أن الوقت قد حان لمحاسبة البوليساريو على ما وصفه بـ”التمادي دون رادع”.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة