هشام جيراندو.. “بوحمارة” الجديد الذي توهّم أن النهيق بإمكانه الإطاحة بالدول (كاريكاتير)

لا غرابة أن يبلغ الهذيان بالمبتز والمشهّر المدان غيابيا بـ 15 سنة سجنا، هشام جيراندو حداً يجعله يثق أنه قادر بالفعل على زعزعة أركان دولة ضاربة في جذور التاريخ مثل المغرب، و أن مقاطع فيديو منتقاة و محشوة بخليط من الادعاءات والمبالغات، ستستطيع النيل من هيبة مملكة حافظت على الاستقرار المؤسساتي في منطقة شهدت تقلّبات و عواصف سياسية جمّة و ذلك باعتمادها على مبدأ المرونة والانفتاح و التقرب من المواطن.

جيراندو اعتقد لوهلة أن المملكة المغربية الشريفة و بعدما عمّرت لأزيد من 12 قرن اجتازت فيها بنجاح و بفضل تركيبة فريدة يتلاحم فيها الشعب مع العرش، كل العثرات التي صادفتها من قبيل مواجهة القوى الاستعمارية مرورا بالأزمات الداخلية ناهيك عن محاربة الأوبئة و الجوائح، يمكن أن تكثرت فعلاً لتفاهاته و هو الذي يعيش في اليوتيوب وباليوتيوب مستفيداً من بيع الوهم لجمهور مغيّب و استغلال “الأمية الرقمية” للاقتيات، جاهلا أن الدول تثق بالمؤسسات لا بالمؤثرين.

ذكّرنا “مسخوط مّو” هشام جيراندو و هو يمتطي دابته و تبنيه خطاب “التمرد” متقمصا دور المعارض المنفي، بشخصية الجيلالي الزرهوني الملقب بـ “بوحمارة”، لما زعم أوائل القرن 20 أنه وريث سلالة العلويين، إذ يتشابهان في مواضع شتىّ، فكلاهما وضع يده في يد العدو، حيث تحالف الأول مع الجزائر للضرب في المغرب، بينما استنجد الثاني بالمستعمرين طمعًا في دعم دويلته في منطقة تاوريرت، كما أن الاثنان زعما أنهما ثوار قادرين على إسقاط الدولة وتغيير الواقع، زيادة على تطابقهما في استغلال مشاعر الناس من مرتزقة ومهمّشين بخطاب عاطفي مؤثر.

و إننا لنعتقد أن يشترك الرجلان كذلك في نفس الخاتمة.. إذ من المرجح أن يلقى “السرباي” هشام جيراندو، ذات مصير “بوحمارة” حينما انهزم هو و جيشه أمام قوات المخزن في معركة مزكلدة سنة 1909 قبل أن يتم اقتياده إلى فاس محمولاً في قفص حديدي حقيرا مذلولا تتقاذفه الأعين بالشوارع جزاءا له على تهوره و طيشه.

إن قصة “الروكي بوحمارة” ليست مجرد فصل من التاريخ يروى في الحصص الدراسية، بل مرآة تقابلنا و عبرة نستفيد منها كلما أطل علينا مدّعٍ جديد يحمل معه فكر فوضوي يخفي خلفه نوايا الهيمنة. وجيراندو، في تمثله لهذا الدور، يثبت أن التاريخ قد يعيد نفسه أحياناً.

والمفارقة أن هذا السرب الجديد الذي ابتلينا به من معارضي “الديجيتال”الذي ينتمي إليه جيراندو، لا يقدم أي بدائل ملموسة، ولا يحمل رؤى سياسية متماسكة، بل يكتفي بالهدم اللغوي والرمزي و استهداف مؤسسات البلاد و التشهير بالعباد.. فقط كلام عبثي و خرجات لا فائدة ترجى منها.. ومن المفارقات أيضا أن من يزعم الدفاع عن الشعب، هو أول من يعمد إلى إثارة الفتنة في صفوفه، متناسيًا أن شرعية الافتاء في شؤون العامة لا تُنتزع من الفضاء الالكتروني بمقاطع “تيكتوك” و حروف “الكيبورد”، بل من التراكم والاحتكاك اليومي مع هموم الناس الواقعية.

لذلك فإن أي محاولة لتخويف المغرب و المغاربة اليوم، عبر النهيق وراء الشاشات من طرف هواة الفبركات و التلفيقات، تبدو أقرب إلى المسرحيات الهزلية منها إلى التهديد الجدي.

لهذا.. فإننا لهشام جيراندو نقول :

خلعونا تا الرجال بقاو غا قشور الدنجال !!

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة