FILE PHOTO: Brahim Ghali, leader of Polisario Front and president of the Sahrawi Arab Democratic Republic (SADR) is pictured southeast of the Algerian city of Tindouf, July 9, 2016. REUTERS/Ramzi Boudina/File Photo

استبعاد “البوليساريو” من احتفالات إفريقيا.. إشارات دبلوماسية تتجاوز الرمزية

تم استبعاد “البوليساريو” من فعاليات الاحتفال باليوم العالمي لإفريقيا بجزر الكناري هذا الأسبوع، ولعل ذلك يحمل أكثر من مجرد دلالة تنظيمية، بل يعكس تحولا لافتا في المواقف الرمزية لبعض الهيئات الإفريقية تجاه الكيان الانفصالي، ويبعث برسائل متعددة على المستويين السياسي والدبلوماسي، في ظل تصاعد الاعتراف بشرعية الموقف المغربي بخصوص قضية الصحراء.

إن الاحتفال الذي نظمه اتحاد الجمعيات الإفريقية في الأرخبيل، مر دون توجيه أي دعوة لممثلي “البوليساريو”، بل إن هناك تغيرا تدريجيا في مواقف العديد من الفاعلين المدنيين الأفارقة، حتى خارج القارة، تجاه الطروحات الانفصالية، خصوصا بعد توسع دائرة الاعتراف بمقترح الحكم الذاتي كحل واقعي وعملي.

ويأتي هذا الاستبعاد في وقت تتعزز فيه الدبلوماسية المغربية داخل إفريقيا وأوروبا، حيث استطاع المغرب، بفضل سياسة الانفتاح والتعاون جنوب-جنوب، أن يعيد صياغة علاقاته الإفريقية على أسس اقتصادية وتنموية واضحة، جعلته شريكًا لا غنى عنه لعدد من الدول الإفريقية في مجالات متعددة، هذا التوجه حول الموقف من قضية الصحراء إلى عنصر من عناصر التوازن في علاقات المغرب بالقارة، وأضعف تدريجيا الهامش الذي كانت تتحرك فيه جبهة “البوليساريو”.

كما أن الموقف الأوروبي يشهد هو الآخر تباينا متزايدا تجاه أطروحات الجبهة، لاسيما في ضوء قرارات المؤسسات الأوروبية المتزايدة التي تبقي على اتفاقيات الشراكة مع المغرب شاملة لأقاليمه الجنوبية، بما فيها الصحراء المغربية.

ما حدث في جزر الكناري يتجاوز البعد الرسمي، لكونه صادرا عن اتحاد مدني أفريقي يمثل الجاليات الإفريقية المقيمة هناك، ويعكس توجها نابعا من داخل المجتمعات الإفريقية في المهجر، بات يرفض توظيف المناسبات القارية في الترويج لأجندات انفصالية. وبهذا، يمكن قراءة استبعاد “البوليساريو” على أنه رفض ضمني لتحويل العمل الإفريقي المشترك إلى منصة للصراعات أو لفرض الأمر الواقع باسم تمثيلات غير معترف بها دوليا.

يبرز هذا الحادث الرمزي أن جبهة “البوليساريو” بدأت تفقد تدريجيا قواعد التأييد حتى خارج الأطر الرسمية، وهو مؤشر على عزلة متنامية تعيشها أطروحتها، في ظل توسع دائرة الاعتراف بالمبادرات المغربية للحل. كما يعكس هذا التوجه، من جهة أخرى، نضجا متزايدا في مواقف الفاعلين المدنيين الأفارقة الذين يختارون الابتعاد عن المزايدات السياسية، ويركزون على قيم الوحدة والتعايش والتنمية المشتركة التي تمثل جوهر اليوم العالمي لإفريقيا.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة