جيراندو.. مُخبر الأعداء وبلطجي الحقد الرقمي يواصل النهش في الوطن ورموزه الشريفة
توقيف 4 عناصر جديدة.. شبكة هشام جيراندو تتحول إلى منصة إجرامية مفتوحة لتصفية الحسابات بالوكالة
في ضربة جديدة ضمن مسار تفكيك أبرز شبكة إجرامية للتحريض على العنف والتشهير والابتزاز الإلكتروني، أوقفت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، هذا الأسبوع، أربعة أشخاص مرتبطين بـ”شبكة هشام جيراندو الإجرامية”، المتخصصة في نشر محتويات كاذبة وقذف الموظفين العموميين والتشهير بالأشخاص وابتزازهم والتحريض على تهديد حياتهم تحت غطاء “محاربة الفساد”.
ووفقًا لمصادر موثوقة، فإن المكتب الوطني لمكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة، التابع للفرقة الوطنية، وضع الموقوفين تحت تدبير الحراسة النظرية، بأمر من النيابة العامة، وذلك في سياق البحث القضائي الرامي إلى كشف ملابسات هذه القضية وتعميق التحقيق مع المشتبه فيهم.
وتفيد المعطيات الأولية أن الأشخاص الموقوفين كانوا يمدّون هشام جيراندو بمعلومات مختلقة وادعاءات زائفة، يتم توظيفها في حملات تشهير ممنهجة تستهدف موظفين عموميين ومسؤولين، بدوافع انتقامية وخلفيات شخصية.
كما أوضحت التحقيقات، مدعومة باعترافات المشتبه فيهم، أن المعنيين بالأمر كانوا يعمدون إلى اختلاق وقائع وهمية وتقديمها لجيراندو بهدف تصفية حساباتهم الشخصية أو الضغط على مسؤولين في مجالات الأمن والقضاء، دون أن يتحقق الأخير من صحتها، بل يسارع إلى نشرها بمجرد توصله بها.
ومن بين الوقائع التي كشفتها التحقيقات، أن أحد الموقوفين اختلق معلومات كاذبة حول تهريب مزعوم لشحنة مخدرات بمنطقة مولاي بوسلهام، وذلك للضغط على أحد زبائنه الذي لم يسدد له مبلغ 700 درهم مقابل أريكة قام بصناعتها له. وفي حالة مماثلة، أدلى مشتبه فيه آخر بمزاعم ملفقة حول شرطي يعمل بمدينة القصر الكبير، بدافع نزاعات شخصية، متهماً إياه بتجاوزات مهنية لم تحدث، وهو ما اعتمده جيراندو في أحد فيديوهاته دون أدنى تدقيق.
وتؤكد هذه الوقائع أن المحتوى الذي ينشره هشام جيراندو يرتكز على روايات كيدية وأكاذيب مصدرها دوافع انتقامية، كما أنها توضح اعتماده على أشخاص لا تربطه بهم معرفة سابقة، مكتفيًا بتلقي المعلومات ونشرها في إطار حملات ممنهجة تمزج بين التشهير والابتزاز.
إن ما تكشفه هذه الوقائع لا يتعلق فقط بجرائم متفرقة، بل بنموذج إجرامي جديد: تحويل الفضاء الرقمي إلى منصة إجرامية مفتوحة لتصفية الحسابات، متاحة لكل حاقد أو فاسد يريد الانتقام أو الضغط أو تشويه السمعة. هشام جيراندو لا يتزعم فقط شبكة واسعة ومتشعبة، وإنما أصبح منصة إجرامية مفتوحة وعابرة للحدود لتصفية الحسابات بالوكالة.
الضربات الأمنية الأخيرة كشفت أن جيراندو لم يكن يعمل بمفرده. فخلال الآونة الأخيرة، تم الإطاحة بعدة عناصر إجرامية تابعة له ضمّت موظفا سابقا بمحكمة تجارية ووسيطا كان ينسق عمليات تحويل أموال الابتزاز إلى والدته بالمغرب. هذا الأخير، الذي انخرط في الشبكة بعد تعرضه شخصيا للتشهير، كان يُكلّف بجمع معلومات حساسة حول مسؤولي الدرك والقضاء وتصوير ممتلكات ضحايا لتوظيفها في الفيديوهات التحريضية.
وتجدر الإشارة إلى أن حتى أفراد عائلته لم يسلموا من براثنه، إذ زجّ بهم في شراك شبكته الإجرامية، حيث تورطت شقيقته وزوجها وابناهما في عمليات الابتزاز والتهديد التي كان يديرها جيراندو عن بُعد من كندا، واستهدفت عددا من المواطنين والشخصيات المعروفة في المغرب.
وكانت المحكمة الزجرية الابتدائية في عين السبع بالدار البيضاء قد أدانت في هذا الصدد، شقيقة جيراندو بشهرين حبسا موقفة التنفيذ، وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم؛ أما زوجها فتمت إدانته من طرف الهيئة بالحبس النافذ لمدة سنتين وغرامة مالية قدرها 40 ألف درهم، بينما أدين ابنهما بالحبس النافذ ثلاث سنوات وغرامة مالية قدرها 40 ألف درهم.
كما أدانت المحكمة في القضية نفسها أربعة أشخاص آخرين لهم علاقة بجيراندو، إذ تابعت شخصين منهما بثلاث سنوات حبسا نافذا لكل واحد منهما، وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم، فيما الثالث أدين بسنتين حبسا نافذا، والشخص الرابع تمت إدانته بسنة حبسا نافذا وغرامة قدرها 40 ألف درهم.
هذه القضية لم تعد فقط تهديدا لأمن الأشخاص، بل أصبحت تحديا مقلقا لمؤسسات العدالة والأمن في الداخل والخارج، وجرس إنذار للمجتمع الرقمي بأكمله، لأن ما بدأ كحساب فايسبوكي لشخص كان على خلاف مع القانون ومتورطا في جرائم مالية تتعلق بالنصب والاحتيال، تحول إلى منصة إجرامية عمومية تتيح لأي حاقد أو فاسد ضرب ضحيته بوسائل دعائية رقمية قائمة على التشهير والافتراء والكراهية… وحتى التهديد والتحريض على القتل.
هذا ولا تزال التحقيقات جارية من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، التي تسعى إلى كشف باقي خيوط الشبكة وتحديد هوية باقي المتورطين المحتملين في هذا النشاط الإجرامي، سواء كفاعلين مباشرين أو كمساهمين في ترويج المعلومات المغلوطة، إلى جانب التحقق من مدى ارتباط هذه الممارسات بحملات ابتزاز أوسع تنضوي ضمن مشاريع إجرامية منظمة.