جيراندو.. مُخبر الأعداء وبلطجي الحقد الرقمي يواصل النهش في الوطن ورموزه الشريفة
بعدما فضحه سليمان الريسوني.. علي المرابط يتحول من صحفي مزيف إلى حالة سريرية
لا شيء يبعث على السخرية أكثر من مشهد شخص نصب نفسه صحافيا و هو لا يمت للمهنة بصلة، يطالب بالحقيقة كاملة بينما هو أول من يدفنها تحت ركام إنتقائيته و خيالاته الواسعة.
علي المرابط، هذا الإسم الذي لا وزن له في الصحافة و لا أثر له في ساحتها، لا يذكره أحد من أهل المهنة إلا كأثر جانبي مضر لحرية تعرت أكثر من اللازم، وأفرزت لنا أصواتا تحترف الصراخ والنواح، لا دفاعا عن القيم، بل انتقاما من وطن لم يمنحهم شهرة كاذبة تليق بعقدهم النفسية.
حين خرج سليمان الريسوني عن صمته، و دحض مباشرة رواية مسيلمة وطننا، و التي صور لنا فيها مشهد دراميا رخيصا على شاكلة المسلسلات الهندية للقاء الريسوني والرميد و سقوطه المفاجئ أرضا في لحظة مأساوية مفبركة. كنت أظن على الأقل أن يلتزم المرابط بحد أدنى من الشجاعة، أن يعتذر أو ربما يتراجع أو على الأقل أن يصمت.
لكن كعادته، إختار أسهل الطرق بالنسبة لذوي العقد الهجوم الدفاعي و هذا السلوك بالضبط في علم النفس، يصنف ضمن آليات الدفاع النرجسية و على رأسها الإنكار و الإسقاط حيث ينسب الشخص للأخرين ما لا يستطيع مواجهة نفسه به.
أن يتهم المرابط الريسوني بتحريف الحقيقة وهو المعني الأول بالقضية، فهذا لا يدخل في باب الجدل المهني، بل في خانة اضطراب السردية الذاتية، وهي حالة يصل فيها الإنسان إلى تصديق اختلاقاته، إلى درجة أنه يغضب حين لا يشاركه الآخرون أوهامه والأخطر من الكذب هنا، هو الإصرار عليه بعد أن فضح.
والأخطر من ذلك، هو تلك النبرة التربوية المريضة التي يخاطب بها الجميع وكأنه حارس معبد الحقيقة. لكن أي حقيقة؟ الحقيقة التي تقبل التعديل حسب الحاجة، والإضافة حسب الممول، والحذف حسب الظرف السياسي؟
في التدوينة التي كتبها المرابط، والتي زعم فيها أن “الريسوني حرّف الحقيقة”، نلمس ملامح نرجسية متضخمة. الرجل يتعامل مع السرد كملك خاص إن قلت ما يعجبني فأنت مصدر وإن قلت ما يخالفني فأنت كاذب و ربما ستصبح خصما وهنا، تتحول الحقيقة عنده من قيمة موضوعية إلى أداة إنتقامية تستخدم متى خدمته و تقبر متى خذلته.
إن الرد الوحيد المنطقي على هذه المهزلة، هو أن نقول نعم، لقد فقد المرابط صلته بالواقع، أو أنه تخلى عنها طواعية. والدليل ليس فقط تكذيبه من طرف الريسوني، بل إصراره على أنه ما زال يملك تفويضا أخلاقيا لمحاسبة الآخرين.
المرابط اليوم ليس صحافيا أصلا لم يكن هو مجرد مشروع شخصي فاشل يبحث عن خلاصه في مأساة الآخرين.
هو رجل قرر أن يركب على قضية سليمان الريسوني كما ركب على عشرات القضايا، ثم يسوقها كما تسوق شركات الأدوية العلاجات التجريبية “غير مؤكدة، لكن نأمل أن تنفع.”
الكذب ليس درعا يحمي الحقيقة، بل مشرط صدئ يجرحها حتى تنزف وتخفت أنفاسها. والمريض الذي يرفض الاعتراف بعلّته لا يشفى، بل يتحول إلى كتلة هذيان تمشي على عتبة الجنون، يخال الهروب شفاءا، والإنكار رجولة. وما هو في الحقيقة إلا سجين في زنزانة الوهم، يخشى ضوء التشخيص كما تخشى الخفافيش طلوع النهار تلك النفس المريضة، حين تترك دون مواجهة، لا تكتفي بالانهيار، بل تجر معها كل ما حولها إلى الحضيض.
في النهاية، ما كتبه علي المرابط ليس دفاعا عن الحرية، بل استماتة في الدفاع عن وهم… والمشكلة ليست أنه يكذب، بل أنه يؤمن بكذبه.