• يونيو 26, 2025

كاريكاتير | بعد خلاف مصالح مع الريسوني.. علي المرابط يلغي خاصية التضامن و يعلن تشييء ملفات أشباه الصحفيين والمناضلين

جاء إعلان علي المرابط عن تقاعده من النضال، كفصل جديد في مسرحيته الخاصة حيث يختلط الغضب بالمزاج و يصبح التضامن موقفا إنتقائيا يمنح و يسحب حسب الأهواء، فجأة قرر ان ينهي مسيرته النضالية لا لأن الظرف يقتضي ذلك بل لأن زميله الريسوني خيب ظنه فانهار عالمه الورقي، حتى أنه لم يعد يرى في رفاق الأمس مناضلين بل متآمرين على صورته، وحده محمد زيان نجا مؤقتا من مقصلة الغضب و ربما إلى حين فقط. فمن يبدل تحالفاته بتقلب مزاجه لن يتردد في فك تضامنه ساعة يشعر ان المجد لا يوزع كما يشتهي.

المرابط اليوم لا يسجل موقفا للتاريخ كما يعتقد بل يفرغ إنفعالا و لا يعلن عن تقاعد بل يلوح بورقة الإحتجاج الأخير على مسرح لم يعد له فيه دور.

وفي حقيقة الأمر لم يكن ما يجمعهم مبدأ، ولا ما يفرقهم قناعة. لم تكن معركتهم أبدا من أجل الوطن أو الحقيقة أو الحرية، بل كانت دائما نزاعا على أدوار داخل مسرح عبثي، يكتب نصّه خارج الكواليس ويُؤدى على خشبة الإعلام البديل أو في دهاليز السوشيال ميديا. هناك، حيث تتبدل الأقنعة بسرعة، وتصنع الأساطير من ورق، ويتحول الوهم إلى رأي عام.

الصراع الجاري بين علي المرابط وسليمان الريسوني ليس مواجهة فكرية ولا خلافا حول أخلاقيات المهنة. إنه صراع بين شخصين اعتادا تقمص دور الضحية، كل حسب ظرفه. هما ليسا خصمين في معركة من أجل الشفافية، بل منافسين على احتكار الحكاية، على امتلاك مفاتيح السبق والبكاء والاستعطاف.

المرابط، الذي ينفجر اليوم كمراهق أهينت ذكورته، ويمزق قناع المظلومية عن وجه من قدّمه بالأمس مصدرا موثوقا. والريسوني، الذي لطالما اعتاش على وجع السجون والبلاغات، لم يكن يسعى لتسريب الحقيقة حين سلم سيناريو الجلطة المفبرك، بل كان يمهد لحصته القادمة من المجد الورقي، في كتاب معد سلفا ودموع مبرمجة مسبقا.

هؤلاء لا يختلفون إلا حين تتعارض حساباتهم. يبدون موحدين كلما تعلق الأمر بضرب الوطن، لكنهم يتناحرون كالصراصير في العتمة عندما تضيق ساحة الاسترزاق. كلهم ضد الدولة، كلهم يلهث خلف السبق، وكلهم يتقمص دور الشهيد حين تكشف ألاعيبهم. لكن الحقيقة أبسط مما يتخيلون لا صوت يعلو بينهم فوق صوت المصلحة ستجدهم يتبادلون الشتائم لأن الوليمة لم تكف الجميع.

وحين يتعارض الطريق، يبدأ النهش يتهم المرابط الريسوني بالخيانة، وكأن المعلومة ولدت من رحم طهر، لا من فبركة رديئة. ويطل الريسوني على جمهوره شاحبا، وكأن خنجر الطعن لم يكن بيده قبل أن يغرَز في ظهر صاحبه. هؤلاء لا يسقطون من علياء المبادئ، بل من قاع الرغبة في التسلق وإن تساءلت يوما من الكاذب، فالجواب بسيط كلاهما.

ما يجمعهم هو العداء الصارخ للمؤسسات، أما ما يفرقهم فهو ترتيب الحصص من كعكة النباح وكلما خرج أحدهم خاسرا من الصفقة، لبس عباءة الغضب وادعى الطهرانية إنهم لا يختلفون على وطن، بل يتقاتلون على أنقاضه، وكل واحد ينهش ما استطاع إليه سبيلا، ثم يصرخ أنا الصحافة!

المرابط، الغاضب من نفسه أكثر مما هو غاضب من الريسوني، يتكلم اليوم كمن كشف عريه في ساحة عامة. كان يتخيل نفسه المصدر، الحكم، الراوي، المعلق، والمُصفق في آنٍ واحد. لكن الحقيقة أفلتت منه، لا لأنها عزيزة، بل لأنها كاذبة، وهو لم يكن إلا ناطقا باسم كذبة استعملها غيره في سباق دعائي أرعن.

أما الريسوني، فليس هو الأول و الاخير الذي يتاجر يتاجر في المعلومة بحثا عن قوس نصر مكسور وكما باع صاحبه، سيبيع كل شيء إذا اقتضى الأمر. المهم أن يظهر، أن يذكر، أن لا ينسى.

بالنهاية، لسنا أمام مواجهة بين صحافيين حقيقيين، بل أمام مهرجين تسللوا إلى كواليس الإعلام بخفة يد وقلّة ضمير. ما يجري ليس صراعا نبيلا تحكمه قواعد الخصومة الشريفة، بل استعراض رخيص تحركه المصالح الصغيرة وخفة الذيل ولو وجد فيهم ذرة مبدأ، لما اختاروا أن يفتتحوا مسيرتهم بهجوم على مؤسسات الدولة، ثم يتنازعوا بعدها على سراب لا طائل منه.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة