استئنافية الرباط تؤيد الحكم الصادر في حق حميد المهداوي بسنة ونصف حبسا نافذا و150 مليون كتعويض
جريمة ضد الإنسانية.. النظام العسكري الجزائري يطرد آلاف المهاجرين إلى صحراء النيجر بدون ماء أو غذاء
نشرت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية تحقيقًا مفصلًا كشفت فيه أن النظام العسكري الجزائري قام، خلال شهري أبريل وماي الماضيين، بترحيل أكثر من 16 ألف مهاجر ينحدرون من دول إفريقيا جنوب الصحراء نحو مناطق صحراوية نائية على الحدود مع النيجر، وذلك في أوضاع وصفت بأنها “لا إنسانية”، حيث يُترك المرحّلون دون ماء أو غذاء، وسط درجات حرارة قد تصل إلى 50 درجة مئوية.
التحقيق، الذي استند إلى مصادر ميدانية وشهادات منظمات حقوقية، أشار إلى أن هذه العمليات تُنفذ بشكل “صامت” وبعيدًا عن الأضواء الإعلامية، في ظل غياب تام لأي تعليق رسمي من السلطات الجزائرية، وصمت واضح من المنظمات الإقليمية والدولية، رغم تكرار وقوع وفيات في صفوف المرحلين.
ووفقًا للتحقيق، فقد كانت منظمات غير حكومية مثل “ألارم فون الصحراء” و”شبكة المغرب-الساحل للهجرة” من أوائل من دق ناقوس الخطر يوم 20 ماي، ووصفت ما يجري بـ”المداهمات العنيفة” التي تُنفذ بسرية تامة، حيث يُعتقل المهاجرون ويتم ترحيلهم بشكل جماعي إلى عمق الصحراء.
وقد كسر هذا الصمت الرسمي والي منطقة أغاديس النيجرية، الجنرال إبراهيم بولما عيسى، حيث صرّح لوسائل إعلام محلية بأن النيجر تواجه “موجة غير مسبوقة من عمليات الطرد القسري لمهاجرين قادمين من الجزائر”، مؤكدًا أن مراكز المنظمة الدولية للهجرة في بلدة أسماماكا الحدودية تعاني من اكتظاظ خانق.
وأورد التحقيق، نقلًا عن موقع InfoMigrants المختص في قضايا الهجرة، أن عدد المهاجرين المرحلين خلال شهري مارس وأبريل فقط بلغ 16 ألف شخص، وهو ما يعادل مجموع المرحّلين خلال نصف عام في السنة الماضية، مما يعكس تصعيدًا كبيرًا في وتيرة هذه العمليات.
ورغم كون الجزائر موقّعة على اتفاقية اللاجئين، إلا أنها – حسب التحقيق – لم تعتمد بعد إطارًا قانونيًا لاستقبال طلبات اللجوء أو تنظيم إقامة اللاجئين، ما يجعل وجودهم داخل البلاد عرضة للترحيل والاستغلال، لا سيما في مجالات مثل قطاع البناء في مدينة وهران، حسب الصحفي الجزائري داود إمولاين.
وسلط التحقيق الضوء على أن هذه السياسات ليست وليدة اليوم، إذ سبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن وثّقت عام 2018 ممارسات مشابهة، من بينها الاعتداء على مهاجرين وترحيلهم دون طعام أو ماء. كما صرّح السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر، كزافيي دريانكور، بأنه شهد بنفسه قوافل حافلات تُقل مهاجرين نحو الجنوب تحت حراسة أمنية مشددة.
وتفادى الإعلام الرسمي الجزائري – حسب التحقيق – تناول هذا الملف، نظرًا لأن الجيش هو الجهة المسؤولة عن تنفيذ الترحيلات، وهو ما يجعل الحديث عنه بمثابة “تابو” داخل البلاد. غير أن بعض مقاطع الفيديو المنتشرة على شبكات التواصل بدأت تكشف جزءًا من تلك الانتهاكات، كفيديو يُظهر مطاردة أحد المهاجرين في نهر من طرف عناصر من الدرك، وآخر يظهر مهاجرين تعرضوا لهجوم في تمنراست.
وصرّح داود إمولاين أن المهاجرين الأفارقة يواجهون تمييزًا عنصريًا في الجزائر، مقارنةً باللاجئين من دول عربية مثل العراق وسوريا وليبيا، قائلاً: “يكفي أن تكون ذا بشرة داكنة حتى تُطرد دون تردد”.
وعبّر السفير دريانكور عن دهشته من موقف أوروبا، قائلًا إن “منظمات حقوق المهاجرين الأوروبية تلتزم الصمت إزاء هذه الممارسات، بينما الجزائر لا تتوانى في إعطاء الغرب دروسًا في حقوق الإنسان”.
وأشار التحقيق إلى مفارقة في موقف الجزائر، إذ ترفض استقبال رعاياها الذين يتم ترحيلهم من فرنسا بحجة حماية حقوقهم، في الوقت الذي تُمارس فيه سياسة الترحيل القسري داخل أراضيها بوتيرة متصاعدة. ووفق الأرقام، فقد تم ترحيل 27 ألف مهاجر بين عامي 2015 و2018، فيما بلغ عدد المرحّلين في عام 2024 وحده 31 ألفًا، وسط غياب أي رد فعل من الاتحاد الإفريقي أو تجمع الإيكواس أو دول وسط إفريقيا.
كما تطرق التحقيق إلى الصعوبات التي تواجهها المنظمات الدولية في العمل داخل الجزائر، موضحًا أن الوكالة الفرنسية للهجرة والاندماج لم تتمكن من فتح مكتب لها هناك، على عكس المغرب وتونس. وقال مدير الوكالة، ديدييه ليشي: “الجزائر تُخفي سياستها القمعية عن الخارج، والإعلام المحلي لا يسلط الضوء عليها، لكنها لا تتردد في تقديم دروس في حقوق الإنسان”.