آلية الزناد تربك النظام الإيراني

إن نظام الملالي، الذي يصارع أزمات داخلية ودولية غير مسبوقة، يرتعب اليوم من خطر “آلية الزناد” (Snapback Mechanism) والعودة التلقائية لجميع العقوبات الدولية. وقد عبر وزير خارجية النظام، عراقجي، عن هذا القلق بقوله إن تفعيل هذه الآلية من قبل الدول الأوروبية الثلاث “سيكون أكبر خطأ تاريخي ترتكبه أوروبا”، وإن “الملف النووي الإيراني سيصبح مع آلية الزناد أكثر تعقيداً وصعوبة بما لا يقاس”. وقد لخصت وكالة “إيسنا” الحكومية هذا الوضع بعنوان “دعوة إلى المفاوضات ولكن الإصبع على الزناد“.

وعلى الجانب الآخر، تنظر أوروبا في الظروف الحالية إلى هذه الأداة باهتمام خاص. فوفقاً لوزير خارجية ألمانيا، تُعتبر آلية الزناد “ورقة رابحة حقيقية” في المفاوضات مع نظام الملالي. كما أن وزير خارجية فرنسا، في ظل وضع النظام الحرج، قد حشره أكثر في الزاوية، حيث أشار بوضوح إلى آلية الزناد قائلاً: “نحن، مع حلفائنا الأوروبيين، نعتزم لعب دور محوري في المفاوضات المستقبلية بشأن الملف النووي الإيراني. إذا رفضت إيران التفاوض بحسن نية، يمكننا ببساطة (بآلية الزناد) إعادة فرض العقوبات العالمية عليها”.

إن أحد الأسباب الأساسية لقلق النظام هو أنه في عملية تفعيل آلية الزناد، لن يكون لسياسة “التوجه شرقاً” أي فاعلية، ولن تتمكن الصين وروسيا من لعب دور “المنقذ الغيبي” لخامنئي. وقد وصفت صحيفة “شرق” الحكومية هذا الواقع بقلق، حيث كتبت أن آلية الزناد “تتيح إمكانية إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة على النظام من جانب واحد دون حق النقض (الفيتو) من قبل الصين وروسيا”.

وما يزيد الوضع تعقيداً بالنسبة للنظام هو القيد الزمني الذي تواجهه أوروبا في تفعيل آلية الزناد. فشهر أكتوبر يمثل نهاية الاتفاق النووي وانتهاء مهلة استخدام هذه الآلية. وبما أن عملية تفعيلها تستغرق حوالي ثلاثة أشهر من لحظة البدء، فإن الفرصة المتبقية عملياً، بحسب الخبراء الأوروبيين، تمتد فقط حتى أواخر شهر أغسطس. وقد أثار هذا الموضوع بالطبع قلقاً أكبر لدى نظام الملالي، حيث تصف وسائل الإعلام الحكومية النظام بأنه عالق “تحت ظل الزناد”.

إن هذا المأزق، وهذا “الدوار” الذي يعيشه النظام، يعكس حالة من الارتباك الاستراتيجي. فهو من ناحية لا يستطيع التخلي عن برنامجه النووي الذي يعتبره ضمانة بقائه، ومن ناحية أخرى، لا يملك القدرة على مواجهة العواقب الكارثية لإعادة فرض العقوبات الشاملة. إنها نهاية طريق سياسة قامت على الخداع والابتزاز، وها هو النظام اليوم يواجه حقيقة أنه أصبح محاصراً بخياراته المدمرة.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة