“NARSA” تدق ناقوص الخطر.. وتكشف عن تحولات مُقلقة في حوادث السير بالمغرب

كشفت الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية (NARSA) اليوم الاثنين، خلال ندوة صحفية، عن الحصيلة النهائية لمؤشرات السلامة الطرقية لسنة 2024، مقدمة تحليلا شاملا لتطور حوادث السير في المغرب على مدى السنوات الماضية، والأرقام التي تم عرضها تسلط الضوء على تغيرات ملحوظة في طبيعة وتوزيع الحوادث، بالإضافة إلى تحديات مستمرة تتطلب استراتيجيات متجددة.

أحد أبرز ما كشفت عنه الحصيلة هو التحول في توزيع حوادث الطرق بين المجالين الحضري والقروي، فبينما كانت الحوادث خارج المجال الحضري تمثل النسبة الأكبر تاريخيا، أظهرت الأرقام الأخيرة اتجاها لتزايد نسبة الحوادث داخل المدن.

ففي عام 2015، كانت نسبة الحوادث داخل المجال الحضري لا تتعدى 33%، مقابل 67% خارج المجال الحضري، هذا التوازن بدأ يتغير تدريجيا، ففي عام 2018، ارتفعت النسبة الحضرية إلى 35%، وقفزت بشكل ملحوظ لتصل إلى 43% في عامي 2019 و2020.

وفي عام 2022، بلغت نسبة الحوادث داخل المجال الحضري 47%، مقابل 53% خارجه، وهي نفس النسبة التي سجلت في عام 2024، فهذا التطور يشير إلى أن التوسع العمراني، وازدياد الكثافة المرورية داخل المدن، قد أصبح عاملا رئيسيا في زيادة الحوادث الحضرية، مما يستدعي تركيزا أكبر على التوعية، وتطوير البنى التحتية، وتطبيق قوانين السير داخل هذه المناطق.

تطرقت الندوة الصحفية كذلك إلى مؤشرين حيويين لقياس السلامة الطرقية: عدد الوفيات لكل 10.000 مركبة، وعدد الوفيات لكل 100.000 نسمة.

بالنسبة لمؤشر الوفيات لكل 10.000 مركبة، شهدت الفترة من 2018 إلى 2023 تراجعا نسبيا في هذا المعدل. فبعد أن كان 8.3 وفاة في 2018، انخفض إلى 7.3 في 2019، ثم إلى 5.6 في 2020. ورغم الارتفاع الطفيف في 2021 ليصل إلى 6.3، عاد لينخفض إلى 5.6 في 2022، واستقر عند 5.7 في 2023، هذا الانخفاض يعكس على الأرجح تحسنا في معايير السلامة بالمركبات، وتطور أساليب الإسعاف بعد الحوادث، وربما زيادة في الوعي لدى السائقين.

أما مؤشر الوفيات لكل 100.000 نسمة، فقد أظهر تقلبات أكثر وضوحا. فبعد تسجيل 10.2 وفاة في 2019، انخفض المعدل بشكل ملحوظ في عام 2020 ليصل إلى 8.4 وفاة، وهو الانخفاض الذي يمكن ربطه بالقيود على الحركة والتنقل خلال فترة جائحة كوفيد-19.

إلا أن هذا التراجع لم يستمر، حيث ارتفع المعدل مجددا إلى 10.1 في 2021، ثم انخفض قليلا إلى 9.5 في 2022، ليعود ويرتفع بشكل مقلق ليصل إلى 10.9 وفاة في عام 2024، وهذا الارتفاع الأخير يستدعي وقفة تحليلية لمعرفة أسبابه، وهل يتعلق الأمر بعودة الحركة المرورية إلى مستوياتها الطبيعية، أم بظهور عوامل جديدة تساهم في ارتفاع الحصيلة البشرية.

قدمت NARSA أيضا لمحة تاريخية عن تطور عدد ضحايا حوادث السير على مدى يقارب ثلاثة عقود (1996-2024)، مقسمةً هذه الفترة إلى مراحل تتوافق مع الاستراتيجيات الوطنية للسلامة الطرقية:

ما قبل الإستراتيجية الوطنية الأولى (1996-2003): شهدت هذه الفترة ارتفاعا تدريجيا في عدد الضحايا، من حوالي 3000 ضحية في 1996 إلى 3878 ضحية في 2003، مما يؤكد الحاجة الملحة لوضع استراتيجية وطنية.

الإستراتيجية الوطنية الأولى (2004-2013): رغم تطبيق الاستراتيجية، ظل عدد الضحايا مرتفعا، مع تقلبات ملحوظة، حيث وصل إلى ذروته في 2009 (4162 ضحية) و2012 (4222 ضحية)، وهذا يشير إلى تحديات كبيرة في تحقيق الأهداف المرجوة من هذه الاستراتيجية.

تقييم الإستراتيجية الوطنية الأولى (2014-2016): هذه الفترة الانتقالية شهدت تذبذبا في عدد الضحايا، حيث انخفض من 3832 في 2014 إلى 3589 في 2015، ثم عاود الارتفاع إلى 3776 في 2016.

الإستراتيجية الوطنية 2017-2026 (2017-2024): هذه هي المرحلة الحالية. بعد انخفاض في عدد الضحايا في السنوات الأولى (من 3785 في 2017 إلى 3622 في 2019)، شهد عام 2020 انخفاضا استثنائيا إلى 3005 ضحايا (غالبا بسبب تأثير الجائحة). لكن الأرقام عادت للارتفاع بشكل متتابع، لتصل إلى 3499 في 2021، ثم 3685 في 2022، و3819 في 2023، وصولاً إلى 4024 ضحية في 2024. هذا الارتفاع في السنوات الأخيرة ضمن الاستراتيجية الحالية يثير تساؤلات حول مدى فعاليتها في تحقيق أهدافها طويلة الأمد.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة