تحديث مستمر وتوازن بين حفظ الأمن وحماية الحقوق

نجحت الأجهزة الأمنية المغربية في تبني مقاربة أمنية رائدة تجمع وتُوازن بين حفظ الأمن وحماية الحقوق الأساسية للمواطنين، ملبية بذلك احتياجات الأمن في عصر معولم ومتغير، من خلال استجابتها بشكل سريع وفعّال للتحولات القانونية والتكنولوجية المعقدة التي فرضتها التهديدات الجديدة في عصرنا، عن طريق تحديث بنيتها المؤسسية وتعزيز إطارها القانوني.

ووضعت هذه النجاحات الأجهزة الأمنية للمملكة، وخاصة الاستخبارات، تحت مجهر المعاهد الدولية المتخصصة، حيث أصدر معهد “روك” للدراسات الأمنية تحليلا معمقا للتحولات القانونية والمؤسساتية والتكنولوجية التي عرفتها المخابرات المغربية، من أسسها التاريخية إلى تحديات العصر المترابط.

وأبرز التقرير أنه وبينما تستمر التحديات في التطور، ظل المغرب في طليعة الدول التي تتكيف مع هذه المتغيرات بفضل إطار قانوني حديث ومستدام، ما يعزز من قدرته على ضمان الأمن السيادي وحماية الحريات في نفس الوقت.

1. قدرة المغرب على الجمع بين حفظ الأمن واحترام الحريات

من أبرز ما يميز التحول الذي عرفته الأجهزة الأمنية المغربية هو نجاحها في الجمع بين حماية الأمن الوطني من جهة، وضمان احترام الحقوق والحريات العامة من جهة أخرى. 

فالمغرب، منذ الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها الدار البيضاء في 2003، اتخذ خطوات حاسمة نحو تحديث جهازه الاستخباراتي وتطوير قوانينه لمواكبة التحديات الحديثة. في ذات الوقت، عمل على إدخال إصلاحات دستورية وقانونية تضمن حقوق الخصوصية والحريات الفردية.

2. الإصلاحات القانونية: تحديث مستمر لمواكبة التحولات التكنولوجية

تتجلى أبرز الإصلاحات القانونية التي شهدها المغرب في تعديلات عام 2011، التي أضفت الشرعية على ممارسات الأجهزة الاستخباراتية من خلال تنظيم عمليات التنصت والحفاظ على الحق في الخصوصية.

 إضافة إلى ذلك، تضمن النظام القضائي مراقبة دائمة لأنشطة الأجهزة الأمنية، مما يعزز توازنًا بين فعالية العمليات الأمنية وضمان حماية حقوق الأفراد. 

كما أدت قوانين مثل القانون 05-20 المتعلق بأمن أنظمة المعلومات إلى تقوية الجهود الرامية لحماية البنية التحتية الحيوية، وتقديم ضمانات أمان محدثة للتعامل مع التهديدات الرقمية.

3. مواجهة التهديدات الجديدة: من الإرهاب إلى الحروب الهجينة

تُظهر دراسة التهديدات أن الأجهزة الأمنية المغربية استطاعت التكيف مع التحديات المتزايدة والمترابطة، مثل الإرهاب العالمي والجرائم الإلكترونية.

ورغم أن التهديدات التقليدية كالإرهاب قد شكلت محور اهتمام الأجهزة الأمنية، إلا أن المغرب واجه أيضًا تهديدات حديثة مثل الحروب الهجينة التي تتضمن الهجمات السيبرانية وحملات التضليل. 

ولعل أبرز ما يميز جهود المغرب في هذا المجال هو إنشاء هيئات متخصصة في الأمن السيبراني وتحليل البيانات الضخمة لمكافحة الجريمة الإلكترونية، مما يعكس استجابته السريعة للتطورات التكنولوجية.

4. الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية: التحديات المستقبلية

لا شك أن المغرب يتجه إلى مواجهة تحديات جديدة تتعلق بالذكاء الاصطناعي والتشفير ما بعد الكم. في هذا السياق، يتطلب الأمر تحديث الأدوات القانونية لمواكبة هذه التطورات السريعة. 

ومن المتوقع أن يتعين على السلطات المغربية تضمين مفاهيم مثل الذكاء الاصطناعي التوليدي وأمن البيانات المشفرة ضمن قوانينها، لضمان التصدي للتحديات الرقمية القادمة.

5. التوصيات الاستراتيجية لتعزيز الإطار القانوني والتشغيلي

من أبرز التوصيات المستقبلية التي يطرحها التقرير هي ضرورة اعتماد قانون إطاري لتنظيم أنشطة الاستخبارات في المغرب، بما في ذلك القوانين المتعلقة بحماية البيانات الشخصية، واستخدام الذكاء الاصطناعي في مراقبة الأنشطة الأمنية، ووضع أنظمة لحماية البنية التحتية الرقمية في مواجهة الهجمات الإلكترونية. 

كما يُعتبر تحديث قوانين التنصت وضمان سلامة الأدلة الرقمية جزءًا أساسيًا من استراتيجية المغرب لمواجهة التحديات المقبلة.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة