قرار كارثي يضرب الجزائر في العمق: سياسات تبون تُشرد عشرات الآلاف من العمال في “مجزرة سونغاز الصناعية”

في خطوة أحدثت صدمة كبيرة في الجزائر، اتخذ أول رئيس جزائري منذ استقلال البلاد قرارًا صادمًا بإغلاق خمس شركات وطنية أساسية — كهريف، كهركيب، تركيب، كنقاز، وإناركة — التابعة لفرع سونغاز، مما أدى إلى تسريح أكثر من 25 ألف عامل اعتبارًا من مطلع سنة 2023.

وتُعد هذه الخطوة، بدون مبالغة، أكبر مجزرة اقتصادية واجتماعية تُرتكب بحق الموظفين الجزائريين في السنوات الأخيرة.

هذا الإغلاق لم يكن صرفًا قرارات تصحيحية، بل قرارًا فجائيًا وغير مسؤول، افتقد أيًّا من روح الحكامة الاقتصادية أو التخطيط المؤسسي.

ففي غياب أي دعم أو خطة انتقالية واضحة، ترك هؤلاء العمال بدون عمل أو معيل، فجُرِّدوا من أبسط مقومات العيش الكريم، مما أدخل عشرات الآلاف منهم وعائلاتهم في حالة أرستقراطية حقيقية من الفقر والانهيار الاجتماعي.

الأزمة لا تتوقف عند فقدان العمل فحسب، بل امتدت إلى أبعاد شاملة: اقتصادية عبر اضطراب خطير في إنتاج الطاقة والصادرات، واجتماعية نتيجة تكاثر الاحتجاجات والفوضى العمالية في مدن عديدة، وشعبية بسبب فقدان الثقة المروّع بمؤسسات الدولة، التي لم تعطِ المجال للمتضررين حتى لحظة من التعاطي المسؤول أو الإصلاح الحقيقي.

والأمر الأكثر إثارة للقلق في هذه المسألة، هو أن القرار اتخذ على ما يبدو ببادرات فردية ومن خارج المنطق الاقتصادي والاجتماعي الوطني، دون إشراك النقابات أو أيّ من أجهزة التشاور المؤسسية، في الوقت الذي غاب فيه الرئيس تبون عن المشهد تمامًا. والغائب، رغم مروره تباعًا على المشهد السياسي، لم يظهر لأيٍّ كان لتبرير القرار أو تحرير الساحة وتهدئة النفوس.

إن ما حصل مع “مجزرة سونغاز الصناعية” ليس مجرد إقرار أو تغيير إداري، بل هو انتهاك صارخ لحقوق آلاف العمال، وفشل ذريع لمسؤولية الدولة في حماية مواطنيها. وهو في العمق درس قاسٍ: أن من لا يُهيئ البدائل الاجتماعية والاقتصادية قبل تسريح العمال، لا يضمن لهم أيًّا من مفاهيم “العدالة الاجتماعية” أو “المسؤولية الوطنية”.

في هذا الإطار، لا يستقيم الجدل إلا عبر كلمتين: الندم والإصلاح. نعم، هذه هي اللحظة التي تستدعي إعادة بناء الثقة وإطلاق حوار وطني شامل حول المصير الاقتصادي والاجتماعي الذي يعانيه آلاف الجزائريين.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة