• ماي 5, 2025

الرعب يخيم على فرنسا.. رابع ليلة من الاحتجاجات العنيفة واعتقال أكثر من 1000 ومتظاهرون ينهبون أسلحة في مرسيليا

أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية، اليوم السبت، أن 1311 شخصًا أوقفوا في أرجاء البلاد مع تواصل أعمال الشغب لليلة الرابعة على التوالي إثر مقتل فتى برصاص شرطي.

وأوضحت الوزارة أن هذا العدد أعلى بكثير من توقيفات الليلة السابقة التي شملت 875 شخصًا. وقالت الوزارة في بيان سابق إن حصيلة لا تزال موقتة إن “79 شرطيا ودركيا أصيبوا بجروح” خلال أعمال الشغب “التي تراجعت حدتها”.

وأضافت أن النيران أُضرمت في حوالي 1350 سيارة، وأُحرق أو خُرّب 234 مبنى، وأُحصي 2560 حريقًا في الطرق العامة.

ونشرت فرنسا 45 ألف شرطي ودركي مدعومين بآليات مدرعة لمواجهة أعمال الشغب التي اندلعت إثر مقتل المراهق نائل البالغ 17 عامًا ذو الأصل الجزائري، برصاص شرطي خلال تدقيق مروري في إحدى ضواحي باريس يوم الثلاثاء.

وأصيب الفتى نائل برصاصة قاتلة في الصدر أطلقها شرطي من مسافة قريبة أثناء عملية التدقيق المروري. ووُجهت إلى الشرطي الموقوف البالغ 38 عامًا تهمة القتل العمد.

وأثارت القضية الجدل من جديد بشأن إجراءات إنفاذ القانون في فرنسا، حيث تمّ تسجيل 13 حالة قتل عام 2022 بعد رفض الامتثال لأوامر الشرطة.

وتسببت أعمال العنف، التي أُضرمت خلالها النيران في بعض المباني والسيارات ونُهبت بعض المحال، في وضع الرئيس إيمانويل ماكرون في أكبر أزمة خلال فترة رئاسته منذ احتجاجات السترات الصفراء التي اندلعت في 2018.

واندلعت الاضطرابات في جميع أنحاء البلاد في مدن مثل مرسيليا وليون وتولوز وستراسبورغ ولِيل إضافة إلى باريس. وأذكى مقتل الشاب الذي رصدته إحدى الكاميرات، شكاوى قديمة من أصحاب الدخل المنخفض والأعراق المختلطة والمجتمعات الحضرية بأن الشرطة تمارس العنف والعنصرية.

وقال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت إن 270 شخصًا اعتقلوا البارحة بينهم 80 في مدينة مرسيليا الجنوبية، ثانية كبرى المدن الفرنسية.

وأظهرت صور على مواقع التواصل الاجتماعي انفجارا يهز منطقة الميناء القديم في مرسيليا. وقالت سلطات المدينة إنها تحقق لمعرفة سببه لكنها لا تعتقد أن هناك أي إصابات أو خسائر في الأرواح.

وقالت الشرطة إن مثيري الشعب في وسط مرسيليا نهبوا متجرا للأسلحة النارية وسرقوا بعض بنادق الصيد لكن من دون ذخيرة. وأضافت الشرطة أنها اعتقلت شخصًا بحوزته بندقية ربما نُهبت من المتجر الذي يخضع الآن لحراسة الشرطة.

متجر خُرِّب خلال اشتباكات ليلية بين المتظاهرين والشرطة بشمال فرنسا (رويترز)
المزيد من القوات
ودعا رئيس بلدية مارسيليا بينوا بايان الحكومة الوطنية إلى إرسال قوات إضافية على الفور. وقال في تغريدة في ساعة متأخرة أمس الجمعة إن “مشاهد النهب والعنف غير مقبولة”.

وأصيب 3 من أفراد الشرطة بجروح طفيفة في ساعة مبكرة من صباح اليوم السبت. وحلقت طائرة هليكوبتر تابعة للشرطة في سماء المنطقة.

وفي ليون، ثالثة كبرى المدن الفرنسية، نشرت قوات الأمن ناقلات جند مدرعة وطائرة هليكوبتر لقمع الاضطرابات.

وطلب دارمانان من السلطات المحلية وقف حركة جميع الحافلات والترام بدءًا من الساعة التاسعة مساء أمس الجمعة (19:00 بتوقيت غرينتش) في أنحاء البلاد، وقال في وقت لاحق إنه تم نشر 45 ألفا من قوات الشرطة بزيادة 5 آلاف عن يوم الخميس.

ووجه وزير الداخلية رسالة إلى رجال الإطفاء وعناصر الشرطة قال فيها “الساعات المقبلة ستكون حاسمة وأنا أعلم أنه يمكنني الاعتماد على جهودكم المضنية”، وذلك في محاولة لوضع نهاية للاضطرابات.

وردًّا على سؤال في البرنامج الإخباري الرئيسي الذي بثته شبكة (تي إف1) التلفزيونية مساء أمس عما إذا كان بإمكان الحكومة إعلان حالة الطوارئ، قال دارمانان “بكل بساطة، نحن لا نستبعد أي فرضية وسنرى بعد هذه الليلة ما سيختاره رئيس الجمهورية”.

وفي باريس، أخلت الشرطة ساحة الكونكورد الشهيرة في وسط العاصمة باريس من المحتجين ليلة السبت، بعد أن بدأت فيها مظاهرة دون تخطيط مسبق.

وقال دارمانان إن أكثر من 200 شرطي أصيبوا بجروح منذ اندلاع الاضطرابات، وجرى اعتقال المئات من مثيري الشغب مضيفا أن متوسط أعمارهم 17 عاما.

وأصدر لاعبو المنتخب الفرنسي لكرة القدم بيانا دعوا فيه إلى الهدوء. وقالوا في بيان نشر على حساب نجم المنتخب كيليان مبابي على إنستغرام “يجب وقف العنف لإفساح المجال للحداد والحوار وإعادة الإعمار”.

ونهب اللصوص عشرات المتاجر وأضرموا النار في نحو 2000 سيارة منذ بدء أعمال الشغب.

وألغت السلطات بعض الفعاليات من بينها حفلتان موسيقيتان في ملعب فرنسا بضواحي العاصمة. ويقول منظمو سباق (تور دو فرانس) إنهم مستعدون للتعامل مع أي موقف عندما يدخل المتسابقون البلاد يوم الاثنين بعد انطلاق السباق من مدينة بلباو الإسبانية.

وغادر ماكرون قمة تابعة للاتحاد الأوربي في بروكسل مبكرًا حتى يتمكن من حضور ثاني اجتماع طارئ للحكومة خلال يومين.

وطلب ماكرون من منصات التواصل الاجتماعي إزالة لقطات الشغب “الأكثر حساسية” من صفحاتها وإبلاغ السلطات بهوية المستخدمين الذين يحضون على ارتكاب العنف.

والتقى دارمانان ممثلين عن شركات ميتا وتويتر وسناب شات وتيك توك. وقالت شركة سناب شات إنها لا تتهاون مطلقا مع المحتوى الذي يحض على العنف.

وقال محمد جاكوبي -وهو صديق لأسرة الضحية يعرف الشاب نائل منذ أن كان طفلا- إن ما يؤجج حالة الغضب هذه هو الشعور بالظلم في الأحياء الفقيرة بعد أن مارست قوات الشرطة العنف ضد الأقليات العرقية، وكثيرون منهم ينحدرون من المستعمرات الفرنسية في السابق”. وأضاف “سئمنا، نحن فرنسيون أيضا. نحن ضد العنف ولسنا حثالة”.

وخضع رجل الشرطة، الذي قال الادعاء العام إنه اعترف بإطلاق رصاصة قاتلة على الشاب القاصر، لتحقيق رسمي بتهمة القتل العمد وهو محبوس احتياطيًّا الآن.

وقال محاميه لوران فرانك لينار لقناة (بي أف أم) التلفزيونية إن موكله صوب على ساق السائق لكنه ارتطم بشيء عندما انطلقت السيارة مما جعله يصوب النار على صدر الشاب. وأردف قائلا “بكل تأكيد أن (رجل الشرطة) لم يرغب في قتل السائق”.

وأعادت الاضطرابات إلى الأذهان أعمال الشغب التي وقعت عام 2005 وهزت فرنسا مدة 3 أسابيع وأجبرت حينها الرئيس جاك شيراك على إعلان حالة الطوارئ بعد مصرع شابين صعقًا بالكهرباء في محطة كهرباء فرعية أثناء اختبائهما من الشرطة.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة