زعيم سياسي أم ناشط فايسبوكي؟ بنكيران يسب مواطنين ويتطاول على الدولة!
كواليس مؤامرة صهيونية ضد المهداوي وجيراندو
المغربُ، وطنٌ ناطق بالثبات، شُيّد على أكتاف التاريخ، وتُصان شرعيته بإرادة شعبه ومهابة مؤسساته، لا يرحم المرتعشين، ولا يتسامح مع من يحاول تسفيه رمزيته أو اختزال سيادته في مسرحية رديئة الإخراج.
يخرج علينا، بكل جرأة بائسة، من يتوهّم أن الدولة دمية، وأن المؤسسات كراكيز بلا قرار، وأن “إسرائيل” مفتاح النجاة من المحاسبة… يلوّح بتعويذة الموساد كلما حاصرته الحقيقة، ويظن أن الوطن يُدار باللايفات، وتُعطل مؤسساته بدموع اليوتيوب… لكن المغرب، الذي اختار درب الحزم، لا يُجامل من يلوّث ساحته بادعاءات جبانة، ولا يقبل أن يُستعمل اسمه غطاء لتبرير نزوات شخصية مفضوحة.
حميد المهداوي، صحفي – أو هكذا يُفترض – لكنه الآن “صحفي مع وقف العقل” قبل أن يكون مع وقف التنفيذ. كلما دُعي لمساءلة مهنية، صرخ في وجوهنا: “إنهم صهاينة”! كلما وصلته شكاية، رفع راية الموساد كأنها صك البراءة الأخير. كلما لاح له ظلُ مؤسسة، تخيّلها خلية تل أبيبية.
الرجل لم يعد يرى الفرق بين القانون والمؤامرة، بين النقد والدفن الحي في مقبرة المؤامرات الصهيونية، بين المجلس الوطني للصحافة والمخابرات الإسرائيلية… يا سيدي، هون عليك، إسرائيل لديها ما يشغلها، صدّقنا، لن تترك حماس، وغزة، وملف إيران النووي لتطاردك أنت… و”قناتك”.
يتقمص دور البطل المقهور، ويطلب “الحماية الملكية” من مخطط تخيّله على فراش الأنا، لا في أرشيف الواقع. يريد أن يُقنعنا أن اختلالاته المهنية، وتهوره الخطابي، وممارساته الملتبسة، كلها ليست أخطاء… بل فصول من فيلم جواسيس لا يصدقه حتى الأطفال. كفى تمثيلا. الوطن ليس جمهورا لفرقة هواة.
ثم يظهر هشام جيراندو، الهارب إلى كندا، لاجئا لا من القمع، بل من الحقيقة. نصب نفسه المتحدث الرسمي باسم “ضحايا الاختراق الصهيوني”، وراح يصوّر نفسه مُطارداً من الموساد، وكأنه باتريك برويل في فيلم فرنسي قديم. يحدثك عن قوائم، عن خطط، عن أجهزة تتآمر عليه، وتستهدفه، وتحاصره… بينما هو، في الحقيقة، مختبئ في قبو نفسي لا يصل إليه غيره.
رجلٌ لا يحترم مؤسسات بلاده، ويقذف أسماء رجالات المغرب كما تُرمى الأحجار في بركٍ آسنة، ويصنع حبكات بوليسية من خياله المريض، ثم يسوّقها كحقائق “حصرية”. من أنت؟ ما مشروعك؟ ما قضيتك؟ أنت لم تُطرد، لم تُنف، لم تُحاصر… بل اخترت أن تهرب لأنك أضعف من مواجهة القانون. ضعيف الفكر، قوي الصوت، تافه الرسالة.
الاثنان يبيعان منتوجا واحدا: “أنا مستهدف، إذن أنا موجود”. نفس الضجيج، نفس البكاء، نفس المسرح. فقط الجمهور يختلف: في الداخل، صدى من تعبوا من الكذب؛ وفي الخارج، حفنةٌ ممن يتغذون على صور وطنٍ مشوّه. لكن الحقيقة واحدة: حميد المهداوي ليس أكثر من ظاهرة صوتية مزعجة، وهشام جيراندو ليس أكثر من رجل فقد السيطرة على خياله.
التهجم على الوطن ليس بطولة.
التشكيك في مؤسساته ليس شجاعة. والارتماء في حضن المؤامرة ليس نضالا. من أراد أن يكون معارضاً، فليعارض من الداخل، بالقانون، بالعقل، بالنزاهة… أما أن تلوّث سمعة بلدك لتكسب “لايكات” و”سبسكرايب”، فاعذرنا… أنت لست مناضلا ولست منا، بل تاجر أوهام…
المغرب دولة، لا حساب يوتيوب…
والمغاربة شعب، لا مشاهدون في بث مباشر…
والملكية مؤسسة عريقة، لا خط نجدة…
لذا، حميد، توقف. هشام، اصمت. فقد شبعنا من ضجيجكما. الوطن لا يسمع العواء… بل يكتب التاريخ، ويكمل المسير…
والتاريخ، لمن لا يعلم، لا يحتفظ بالمهزومين الذين بكوا… بل بالرجال الذين صمتوا بشرف، أو نطقوا بصدق.