“اقتسام كعكة فلسطين”.. هكذا يبتز اليساريون والإسلاميون الدولة “سياسيا” ويُنومون “مغناطيسيا” الرأي العام العربي (كاريكاتير)
لا أعرف أيهما أتبنى، الضحك أم التذمر؟ هل أضحك على من يضحكون على ذقوننا كشعب واعي ليس بمستهلك غبي؟! أم أتذمر من محبة مُوغلة في النفاق ينثرها “اليساريون” بمعية “إخوانهم المسلمين” على فلسطين وأهلها لغاية في نفس يعقوب؟!
إن المزايدة بين إيديولوجيات “متضادة” على جراح فلسطين وشعبها، هي فن تقسيم الكعكة بطريقة تنصرف بعدها كل جهة معتقدة أنها تحصلت على الجزء الأكبر. إذن، أَنُصدق “الناشط” فؤاد عبد المومني، الذي لم تجف يداه بعد من “اغتيال” مع سبق الإصرار والترصد ل “الأمانة”، وتحويل المؤسسة -على عهده- إلى معقل “حقوقي” تصير فيه المستخدمات بنات “البورديل”؟؟
كيف لنا أن نطمئن إلى ما يتفوه به من يُصبغون على ذواتهم صفة “إخوان مسلمون” وبقية الشعب “أعداء كافرون”، أو إلى هذا المعنى ينتهي فهمنا -على الأقل- لخارطة طريق تتبناها “جماعة” و “حزب” يعتقدون أن الدين حكرا على جماعة أو مجموعة أفراد “الصفوة”.
إنهم يُناورون في كل شيء وبأي شيء، حتى دين الله يُنزلونه منزلة “عصا الراعي” يتقدمون بها سرب “القطيع” لاقتيادهم إلى الساحات الفسيحة، وإلى الشوارع المركزية حيث يخنقون شرايين المدينة ويحولونها إلى سوق مفتوح تُباع فيه “أساسيات” التضامن مع غزة الدامية، من أعلام وصباغة مائية لرسم ما يجول في الخاطر من رموز “كتبخ وكتكوي”، ثم كوفيات صارت عنوانا للأناقة والزينة بدل الشجب والاستنكار.
كيف لا وتجار الأزمات وأغنياء الحروب قد ابتدعوا جيلا جديدا من الوشاح الفلسطيني بألوان زاهية مع توفير خدمة التوصيل إلى المنزل بأسعار تفضيلية. بينما جياع قطاعي غزة والضفة الغربية قد استهلكوا آخر رغيف وارتشفوا آخر عبوة حليب. أما الماء فقد أضحى مجرد “ترف” يسمعون عنه في انتظار أن تُمطره السماء أو أن تقتحم شاحنات المحسنين الخيام لإمدادهم به.
بينما على “الضفة” البعيدة عن غزة بما يزيد عن 5000 كيلومتر، تعيش وتزدهر حياة من حق فيهم قول سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات “هلك المتنطعون”، من عائدات تضامن موسمي يتوقعون تواريخه ويتجهزون له بما لا يقل عن “مسيرتين” في السنة، لحصد رضا “حماس” والتنعم بكلمات الإطراء من قادتها “الانتهازيين” من قبيل “حياكم الله”!!! التي تُقلد صدور “العدلاويين” و”البيجيدين” بنياشين الزعامة العربية-الإسلامية ﺑ “لُبوس سياسي”، يهرولون إثرها ناحية حساباتهم الافتراضية لإخبار “القطيع” بأنهم من أحباب الله وحماس.
وبعيدا عن ضجة الشوارع، يستمر “التنكيل” السياسي بالقضية الفلسطينية. لكن هذه المرة، من داخل مقرات الأحزاب، حيث تُوضع الخطوط العريضة الرامية إلى إعادة التمركز ضمن المشهد السياسي الوطني من بوابة “العزيزة” فلسطين.
فقد تناهى إلى علمنا، أن السيد عبد الإله بنكيران قد سكت دهرا ونطق “قهرا”. فلا حيلة للرجل كي يستفز غريمه السياسي “المترئس” للحكومة الحالية غير تنظيم مؤتمر “اقتسام الكعكة الفلسطينية”، حيث أخنوش ولشكر لن ينولا شرف تذوق ولو قضمة منها. لقد سمعنا وأيقنا أن المعني بالأمر يعقد أمالا كبيرة على وفد رفيع من حماس الفلسطينية سينتقل من تركيا إلى بوزنيقة لحضور فعاليات المؤتمر الوطني التاسع لحزب “اللمبة المنطفئة” نهاية الشهر الجاري.
ومما سمعناه أيضا أن بنكيران وجه دعوة شخصية إلى كل من قياديي حماس المتواجدين بتركيا، ومسؤول آخر عن حزب “الرفاه الجديد” المتحالف مع حزب العدالة والتنمية التركي، كي يُعيناه على تنويم “القطيع”، ويُزكيا صورة رجل أَثَرَ العيش على أطلال ال “125 مقعدا” في البرلمان ومقولة “الحزب ديالي كبر من ديالك” وهو يُجادل امرأة بلا استحياء.
وإن كانت تُحسب لأمين “البواجدة” محاولة التفرد والخروج عن النمطية المألوفة في تنظيم المؤتمرات الوطنية الحزبية التي تنهل دوما من الشعارات “السياسية” الغوغاء. فقد غاب عن “دهاء” بنكيران أن علاقة عموم المغاربة بتركيا لا تتعدى السياحة والمسلسلات التركية. فلا تزكية الأتراك قد تعيد “الشو البرلماني” إلى الواجهة، ولا تسييس القضية الفلسطينية قد يُعيد “انقياد” الشعب وراء الحزب.
ومن بوابة قريبة إلى المشهد، لوحت يد بشوارع الرباط وسط الحشود إياها لم تكن تُلوح، من ذي قبل، إلا للعبث بأجساد النساء بالدار البيضاء دون أن يرف لها جفن. واليوم، وبعدما استنشق نسائم الحرية، ابتدع “توفيقا” آخر لا أحد يعرفه، حتى هو نفسه يُحاول التأقلم معه بكثير من الهدوء المفتعل، وبصبر مزعوم وبإيمان واحتساب لقدر ذهبت جل سنواته “سُدًا” في “المنكر” أكثر من تلك التي قضاها حبيسا بين الجدران.
انتظرنا منه حتى طفح الكيل، أن يستبد به الندم على الفساد وليس على السجن. غير أن الرجل يُكابر ويُرابط ﺑ “تأنق” في زاوية “اتبع طريقا ولو لم يسلكه أحد”. والنتيجة، وإن لم يرتضيها المنطق، فقد طفح كيله هو الآخر، فقط، لأن غزة لم “تُغاث”، وكأن المغرب ملكا وشعبا وحكومة قد أفلت، يوما، يد فلسطين الجريحة أو تركتها في منتصف الطريق تُصارع.
وعلى نفس النغمة يعزف صديقه “الغلماني” وهو ينتظر من العرب أن تستنسخ مسيرات أوروبية تضامنا مع غزة، بينما لم يُسعفه حسه “التحليلي” المفترى عليه، على استنباط أن لسان العرب يتفاوض ويخرج بتوصيات تحت غطاء جامعة الدول العربية وغيرها من الهيئات العربية، على غرار وكالة بيت مال القدس الشريف برئاسة الملك محمد السادس، التي تمول وترأب الصدع وتنبي وتأسس على أرض فلسطين. بينما اللسان “العجمي” لا يُجيد إلا التعاطف وأبعد ما يكون قادرا على اختراق العاصفة لمحاولة تطويعها.
وإلى اجتياح جديد للشوارع، كل قضية و “العُصبة الحقوقية” تتمتع بقدرة تعصيب الأعين والتلاعب بالعقول !!!