• ماي 2, 2025

البوليساريو تعتدي على بعثة “المينورسو” شرق الجدار الأمني وتصاعد المطالب الدولية بتصنيفها منظمة إرهابية

في تطور ميداني خطير يعكس النزعة العدائية المتزايدة لجبهة البوليساريو تجاه المجتمع الدولي، أقدمت ميليشيات تابعة للجبهة صباح الاثنين 21 أبريل 2025 على اعتراض شاحنات لوجستية تابعة لبعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية “المينورسو”، كانت في طريقها إلى منطقة اغوينيت عبر محور آوسرد شرق الجدار الأمني.

مصادر أممية أكدت أن الشاحنات كانت تحمل معدات دعم لوجستي لتمكين البعثة من تنفيذ مهامها، قبل أن تتعرض للمنع والمصادرة المؤقتة من قبل عناصر البوليساريو، دون أي توضيح رسمي من الجبهة الانفصالية بشأن دوافع هذا السلوك غير المسبوق.

ويأتي هذا الانتهاك السافر بعد أيام قليلة من إحاطة قدمها ألكسندر إيفانكو، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بالصحراء ورئيس بعثة “المينورسو”، أمام مجلس الأمن، أشار فيها بوضوح إلى العراقيل التي تضعها الجبهة أمام تحركات البعثة، بما في ذلك منع الاجتماعات، وعرقلة نقل المعدات الإنسانية والتقنية، فضلا عن رفض التعاون مع عناصر البعثة شرق الجدار الأمني.

في المقابل، نوّه المسؤول الأممي بمستوى التعاون الذي تبديه القوات المسلحة الملكية المغربية، والتي تسهّل عمل البعثة وتوفر لها الضمانات الأمنية واللوجستية الكاملة.

ويرى مراقبون أن هذا السلوك العدائي يدخل ضمن سياسة ممنهجة لجبهة البوليساريو لفرض أمر واقع عسكري في المنطقة العازلة، في تحدٍ مباشر لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع سنة 1991، ولقرارات مجلس الأمن التي تنادي بضرورة التهدئة واستئناف المسار السياسي على قاعدة المبادرة المغربية للحكم الذاتي كحل جدي وواقعي وذو مصداقية.

لم تعد ممارسات البوليساريو مجرد خروقات موضعية، بل باتت تشكل نمطا متكررا من السلوك العدواني المتعمّد تجاه بعثات السلام، يعكس تحوّل الجبهة إلى كيان مسلح منفلت وغير منضبط للقوانين الدولية. هذا التصعيد يعزز المطالب المتزايدة في أوساط أوروبية وأمريكية بتصنيف الجبهة كتنظيم إرهابي، بالنظر إلى سجلها في تجنيد الأطفال، وإقامة معسكرات تدريب عسكرية في مخيمات تندوف، وتنفيذ عمليات استهداف عبر طائرات مسيّرة بدعم عسكري خارجي، وتورط عناصر تابعة لها في أنشطة تهريب وارتباطات بشبكات الجريمة المنظمة بمنطقة الساحل.

وفي هذا الإطار، نشرت مراكز أبحاث أمريكية وأوروبية تقارير تحذيرية، من بينها تقرير صادر عن “معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى” يشير إلى مخاطر السماح للجبهة باستمرار العمل العسكري في منطقة عازلة تخضع مبدئيا لحظر استخدام السلاح. كما دعا نواب في البرلمان الأوروبي خلال جلسة شهر مارس الماضي إلى فتح تحقيق في علاقة الجبهة بتنظيمات انفصالية وإرهابية في غرب إفريقيا، وطالبوا المفوضية الأوروبية بوضع حد لدعم بعض المنظمات المرتبطة بالجبهة في أوروبا.

تأتي هذه التطورات في وقت تتزايد فيه الضغوط الدولية على الجزائر، باعتبارها الحاضن والداعم العسكري والسياسي الرئيسي للجبهة، من أجل دفعها نحو احترام قرارات الأمم المتحدة والكفّ عن تغذية نزعة الانفصال في المنطقة. كما تتقاطع هذه الضغوط مع تقارير إعلامية فرنسية وإسبانية حديثة، كشفت عن رصد اتصالات سرية بين عناصر من البوليساريو ومهربين يعملون ضمن شبكات الاتجار بالبشر والأسلحة في الساحل، مما يزيد من الشبهات المحيطة بالطابع الإجرامي لأنشطة الجبهة، ناهيك عن تلقي الكيان الانفصالي لتدريبات من طرف النظام الإيراني على يد “حزب الله”.

وفي هذا الصدد، كشف تقرير حديث لمركز الدراسات الأمريكي “هادسون”، أن “الشبكات المسلحة المرتبطة بجبهة البوليساريو تغذي حالة عدم الاستقرار في منطقة الساحل، مما يشكل تهديدا على الأفراد ويقوض الأمن الإقليمي”، مؤكدة أن “تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية أجنبية من شأنه أن يعزز التحالف الأمريكي المغربي، ويُظهر أن الالتزامات الأمريكية تحمل تبعات استراتيجية”.

وسجل معهد “هادسون”، أن الخطوة الأمريكية من شأنها تجميد أصول جبهة البوليساريو، مما سيساعد على تفكيك شبكات التهريب والأسلحة التابعة لها، وردع تهديدات أخرى بالوكالة من مهاجمة القوات أو الحلفاء الأمريكيين.

في ضوء هذه المعطيات، لم يعد مطلب تصنيف البوليساريو تنظيما إرهابيا مجرد نقاش أكاديمي أو سياسي، بل ضرورة أمنية ملحة لصون الاستقرار الإقليمي، خصوصا أن الجبهة لم تعد تميز بين استهداف خصومها واستهداف المؤسسات الدولية نفسها، كما يتضح من واقعة اعتراض شاحنات المينورسو، في تحدٍّ صارخ للأمم المتحدة ولسلطتها في الإشراف على تنفيذ وقف إطلاق النار.

المغرب، الذي يواصل التزامه التام بمسار السلام تحت إشراف الأمم المتحدة، يجد نفسه اليوم في مواجهة كيان انفصالي يتصرف بعقلية التنظيمات الإرهابية، في وقت يتوسع فيه التأييد الدولي لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية باعتبارها الإطار الوحيد القابل للتنفيذ. أما البوليساريو، فهي تسير بخطى ثابتة نحو العزلة السياسية والملاحقة القانونية، بعدما بات سلوكها العنيف، حتى تجاه البعثات الأممية، بمثابة إعلان صريح لخروجها عن كل شرعية دولية.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة