جلالة الملك يوجه “الأمر اليوم” للقوات المسلحة الملكية في ذكرى 69 لتأسيسها
عندما يلتقي الغباء والإجرام.. هكذا صنع مهدي حيجاوي من هشام جيراندو دمية للابتزاز وتصفية الحسابات
في تطور يكشف حجم التلاعب والخداع الذي يحكم مشهد الابتزاز الإلكتروني الموجه ضد المغرب، تتقاطع خيوط العلاقة بين هشام جيراندو، اليوتيوبر الذي تحول إلى مطلوب للعدالة في قضايا إرهابية خطيرة، ومهدي حيجاوي، الموظف المطرود من جهاز استخباراتي مغربي والذي أصبح بدوره متهما في سلسلة من الجرائم ذات الطابع الاحتيالي والابتزازي. العلاقة بين الرجلين لم تكن صدفة، بل بنيت على مصلحة متبادلة بين محتال متمرس ومغرر به طامع في الشهرة السياسية.
مهدي حيجاوي، الذي كان موظفا بجهاز المخابرات الخارجية، سرعان ما تحول إلى عنصر خطير بعد خروجه عن المسار المؤسساتي. سجله مليء بقضايا النصب والاحتيال، شملت تزوير وثائق رسمية، التلاعب ببطاقات هوية، استغلال صفته السابقة للإيقاع بضـحاياه، وتمرير نفسه على أنه ما يزال فاعلا في أجهزة الدولة. تقارير دقيقة تشير إلى استغلاله علاقات سابقة لتأمين ثقة خصوم المغرب، قبل أن يُكشف عن وجهه الحقيقي كرجل مهمته الأساسية هي تشويه الأجهزة التي اشتغل بها يوما ما.
حيجاوي، بحسب الوثائق والمقالات السابقة، لا يتردد في تلفيق الروايات وتزييف الوقائع، وهو ما جسده في عملية استدراج جريئة استهدفت هشام جيراندو نفسه، الذي أوهمه بأنه على موعد مع لقاء شخصي مع المستشار الملكي فؤاد عالي الهمة.
أما هشام جيراندو، الذي ظهر في البداية كـ”ناشط” رقمي يعارض المؤسسات الرسمية من كندا، فقد انكشف سريعا عن كونه مجرد أداة دعائية خرقاء بيد جهات تجيد فن التلاعب بالعقول الطامحة إلى المجد الوهمي. سجله الإجرامي تضخم بشكل متسارع، من التشهير والتحريض على العنف إلى التهديد الإرهابي العلني لقضاة ومسؤولين مغاربة، وصولاً إلى حكم نهائي صادر عن محكمة الاستئناف بالرباط يقضي بإدانته بـ15 سنة سجناً نافذاً بسبب تورطه في تكوين اتفاق إرهابي والدعوة إلى القتل خارج القانون، ناهيك عن سجل جرائمه السابقة في النصب والاحتيال التي ارتكبها بالمغرب قبل هروبه إلى كندا.
لكن الأخطر، هو أن جيراندو سقط فريسة لحيجاوي في واحدة من أكثر العمليات المخزية في عالم التضليل الرقمي. فقد تم استدراجه إلى قناعة عبثية مفادها أنه سيكون له لقاء مباشر مع أحد كبار الدولة، بل وتم تزويده بوثائق مزورة وتسجيلات وهمية لإقناعه بأن ما يفعله يحظى بدعم ضمني من “جهات عليا”.
كل المعطيات تثبت أن مهدي حيجاوي لم يكن مجرد صديق عابر في حياة جيراندو، بل هو من صاغ له سردية التمرد والخيانة، ودفعه إلى تبني خطاب تصعيدي ضد المؤسسات المغربية. بل إن تسجيلات عدة تؤكد أن جيراندو كان يتلقى نصائح مباشرة من حيجاوي حول توقيت نشر الفيديوهات، مضامينها، وحتى أسماء الشخصيات المستهدفة فيها.
الغاية من هذه الخطة لم تكن فقط تشويه المغرب، بل محاولة نسج شبكة ابتزاز إعلامي-حقوقي تُستغل فيها المنصات الرقمية للإساءة للدولة مقابل حصد دعم خارجي، خصوصا من خصوم المغرب الإقليميين. وتظهر معالم التنسيق أيضا في تكرار العبارات والاتهامات، وتزامن التحركات الإعلامية لكل من جيراندو وحيجاوي مع تحركات جهات أخرى مثل زكرياء مومني ومحمد حاجب وعلي المرابط.
العلاقة بين الرجلين تمظهرت أيضا من خلال اشتراكهما في منصات رقمية مشبوهة، أبرزها صفحة “تحدي” التي صنفت حديثا كمنصة تصيد احتيالي (phishing) وفق تحليل تقني أجرته منصة Criminal IP. هذا التصنيف أتى بعد اكتشاف نشاطات رقمية مشبوهة مرتبطة بعنوان IP يستعمله جيراندو، وهو ما يفتح الباب على تساؤلات حقيقية بشأن طبيعة التكوين الشبكي لحيجاوي وجيراندو وعلاقاتهما بشبكات غير قانونية، ربما تتعدى مجرد الدعاية السياسية إلى نشاطات تمس الأمن السيبراني للمواطنين.
ما يكشفه هذا التنسيق الوثيق بين هشام جيراندو ومهدي حيجاوي، هو أن مشروع التشهير والابتزاز ضد الدولة المغربية لا يتم بشكل عفوي أو ارتجالي، بل يتم وفق هندسة خبيثة يقودها من لهم حسابات شخصية وانتقامية من مؤسسات الدولة مسؤوليها.
حيجاوي يُجند، يُنسق، ويُسوّق لخطاب الخيانة، فيما ينفذ جيراندو الأوامر ويعتقد أنه يخوض معركة سياسية شريفة، بينما هو في الحقيقة مجرد واجهة رخيصة لمشروع خبيث يتقاطع فيه الاحتيال، الابتزاز، والتخابر غير المعلن.