Algerian president Abdelmadjid Tebboune and army general Said Chanegriha attend the opening of a seawater desalination plant, in Tipasa, Algeria, Saturday, Feb. 22, 2025. (AP Photo)

فرنسا ترد بحزم على الجزائر: طرد حاملي الجوازات الدبلوماسية بعد خرق اتفاق 2013

في خطوة دبلوماسية حازمة، قررت السلطات الفرنسية ترحيل جميع حاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية الذين لا يتوفرون على تأشيرة دخول، في رد سريع على قرار الجزائر طرد 15 موظفًا فرنسيًا من أراضيها. هذه الخطوة الفرنسية الصارمة جاءت على خلفية ما اعتبرته باريس “خرقًا لاتفاق 2013” الذي كان يعفي حاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية من شرط التأشيرة، وهم غالبًا من أبناء الطبقة الحاكمة والمقربين منها.

وزير الخارجية الفرنسي، جان-نويل بارو، أوضح في تصريح لقناة BFMTV أن “ردّ فرنسا فوري وصارم ومتناسب مع المبدأ ذاته: ترحيل كل الجزائريين الحاملين لجوازات دبلوماسية بدون تأشيرة دخول”. هذا التصريح جاء بعد استدعاء القائم بالأعمال الجزائري في باريس، حيث تم إبلاغه بقرار الطرد في إطار مبدأ المعاملة بالمثل.

لماذا تصاعدت الأزمة؟
تعود جذور هذه الأزمة إلى قرار الجزائر طرد عدد من الموظفين الفرنسيين العاملين على أراضيها، في خطوة مفاجئة أثارت استياء باريس. الجزائر بررت هذه الخطوة بأن التعيينات تمت في ظروف غير قانونية، وهو ما لم تتقبله فرنسا، معتبرة أن القرار “غير مبرر ولا يمكن تبريره”.

الرد الفرنسي لم يتوقف عند هذا الحد، بل تضمن إنهاء العمل باتفاق 2013، الذي كان يسمح بدخول آلاف المسؤولين الجزائريين وعائلاتهم إلى فرنسا بدون تأشيرة. هذا القرار أثار صدمة في الإعلام الجزائري الموالي للنظام، خاصة أن الحكومة الجزائرية كانت منشغلة بعدّ الموظفين الفرنسيين المطرودين، لتجد نفسها أمام خطوة فرنسية أكبر بكثير.

مبدأ المعاملة بالمثل.. الورقة الفرنسية
لم يكن الرد الفرنسي عشوائيًا، بل جاء في إطار تطبيق صارم لمبدأ المعاملة بالمثل. فرنسا، التي اعتبرت القرار الجزائري خرقًا صريحًا لاتفاق 2013، اختارت الرد بنفس القوة من خلال طرد جميع حاملي الجوازات الدبلوماسية الجزائرية الذين لا يملكون تأشيرات، مما يشكل ضربة قاسية للطبقة السياسية الجزائرية التي تستفيد بشكل كبير من هذا الامتياز.

وبينما كانت الجزائر تستعرض عضلاتها عبر طرد الموظفين الفرنسيين، جاء الرد الفرنسي ليظهر مدى قوة الدبلوماسية الفرنسية في فرض قواعد المعاملة بالمثل. وأوضحت وزارة الخارجية الفرنسية أن الجزائر فرضت “شروط دخول جديدة على الموظفين العموميين الفرنسيين”، مما دفع فرنسا لاتخاذ خطوات مماثلة لحماية سيادتها.

الجزائر تطعن نفسها
رغم الأزمة الدبلوماسية، لم تصدر وزارة الخارجية الجزائرية أي بيان رسمي يوضح الموقف، في حين اكتفت وكالة الأنباء الجزائرية بتبرير الطرد بأنه ناتج عن “تعيينات غير قانونية”. هذا الصمت الرسمي يعكس حالة ارتباك داخل النظام الجزائري، خاصة أن القرار الفرنسي حمل رسائل دبلوماسية واضحة حول عدم التساهل في القضايا السيادية.

وزير الخارجية الفرنسي عبّر عن “أسفه الشديد” لهذه القرارات، مؤكدًا أن “الخطوة الجزائرية لا تخدم مصالح فرنسا، لكنها في الوقت ذاته لا تخدم مصالح الجزائريين أنفسهم”. هذا التصريح يكشف عن رؤية فرنسية تعتبر أن النظام الجزائري يتخذ قرارات من شأنها الإضرار بمواطنيه في المقام الأول.

هل تستفيد الجزائر من هذا التصعيد؟
يبدو أن النظام الجزائري يعيش تناقضًا كبيرًا بين محاولات فرض هيبته داخليًا وبين فشله في إدارة علاقاته الخارجية. هذه الخطوة العدائية تجاه فرنسا تندرج ضمن سلسلة من التصرفات التي تعكس عجز النظام عن تطوير استراتيجيات دبلوماسية متوازنة، بل يسعى فقط إلى إثبات الوجود من خلال إجراءات عقابية ارتجالية.

في المقابل، جاء الرد الفرنسي مدروسًا ومحسوبًا بعناية، حيث اختارت باريس ضرب مصالح المسؤولين الجزائريين مباشرة، من خلال تعطيل امتياز الدخول دون تأشيرة، وهو ما سيضع قيودًا كبيرة على حركة العديد من أبناء النخبة الحاكمة.

إلى أين تتجه الأزمة؟
تظل هذه الأزمة الدبلوماسية مرشحة للتصعيد في ظل غياب أي نية واضحة للتهدئة من الجانب الجزائري. باريس التي اعتبرت الخطوة الجزائرية “خرقًا” للاتفاقات الثنائية، تركت الباب مفتوحًا لاتخاذ إجراءات إضافية حسب تطور الوضع.

الكرة الآن في ملعب الجزائر، التي يتعين عليها إما مراجعة قرارها أو مواجهة مزيد من التصعيد الذي قد يضر بمصالحها بشكل أكبر، خصوصًا وأن علاقاتها مع فرنسا تمثل ركيزة مهمة في السياسة الخارجية.

ويبدو أن من يدفع الثمن الأكبر هم المواطنون الجزائريون من أبناء الطبقة الحاكمة الذين وجدوا أنفسهم فجأة أمام عقبات جديدة في دخول فرنسا، بعدما كانت الأبواب مفتوحة لهم لسنوات طويلة.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة