تقرير للمخابرات الإسبانية يكشف ارتباط البوليساريو بتنظيمات إرهابية في الساحل

كشفت مصادر استخباراتية إسبانية عن مؤشرات مقلقة بشأن تصاعد التهديدات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي، محذرة من تحوّل هذا الفضاء الجغرافي، الممتد بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر، إلى ملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها تنظيما “القاعدة” و”داعش”، اللذان باتا يشكلان خطرا مباشرا على المصالح الأوروبية، بما فيها المصالح الإسبانية.

وبحسب تقرير نشرته صحيفة La Vanguardia نقلا عن مصادر أمنية رفيعة، فقد تم رصد انخراط عدد من الصحراويين المنحدرين من مخيمات تندوف، الخاضعة لسيطرة جبهة البوليساريو، في صفوف تنظيم “داعش في غرب إفريقيا” (ISWAP)، بل إن بعضهم وصل إلى مواقع قيادية داخل التنظيم، وهو ما يزيد من المخاوف بشأن قدراتهم على التخطيط لهجمات تستهدف أوروبا انطلاقا من معقلهم الجديد في الساحل.

ووفق نفس المصدر، فإن الأمر يتعلق بحوالي عشرة عناصر وُلدوا جميعهم في مخيمات تندوف، وسبق لهم المشاركة في برنامج “عطلة في سلام” الذي مكّنهم خلال طفولتهم من الإقامة لدى عائلات إسبانية خلال فصل الصيف. هذه الخلفية، حسب التقرير، تجعلهم يتقنون اللغة الإسبانية ويتمتعون بإلمام جيد بالمجتمع الإسباني وثقافته، ما يضاعف من خطر استغلالهم كأدوات لتنفيذ عمليات داخل التراب الأوروبي.

وتُرجح الأجهزة الأمنية الإسبانية أن هؤلاء المتطرفين قد يلجؤون إلى تحريض “الذئاب المنفردة” على تنفيذ عمليات إرهابية في أوروبا، خصوصا إذا ما قررت القوى الغربية التدخل عسكريا لدعم الأنظمة المستهدفة من طرف الجماعات المسلحة في الساحل.

التقرير أشار أيضا إلى ارتفاع وتيرة الهجمات الإرهابية خلال الأسابيع الأخيرة، تزامنا مع مناسبة عيد الأضحى، حيث تم استهداف معسكرات استراتيجية في جنوب مالي وشمال بوركينا فاسو، ما دفع أجهزة الاستخبارات الأوروبية إلى رفع حالة التأهب، وسط مخاوف حقيقية من فقدان السيطرة على الوضع الأمني المتدهور أصلا في المنطقة.

وفي هذا السياق، أكدت التقارير أن التنظيمات الجهادية أصبحت تملك القدرة العملياتية على تهديد العواصم الثلاث باماكو وواغادوغو ونيامي، لكنها تفضل حاليا تركيز أنشطتها في المناطق الريفية، في تكتيك مشابه لما حدث في سوريا وأفغانستان قبل السيطرة على المدن الكبرى.

الرسالة التي تبعثها هذه التنظيمات إلى أوروبا، بحسب التحليلات الاستخباراتية، واضحة ومباشرة: “هذه حربنا، وأي تدخل أجنبي سيُقابل باعتباره عدوانا مشروعا”، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى سحب قواته من المنطقة، بمن فيهم الجنود الإسبان، في خطوة وصفت بأنها اعتراف ضمني بخطورة المرحلة.

ورغم هذا الانسحاب، لم تُخفِ وزيرة الدفاع الإسبانية، مارغريتا روبليس، رفضها لهذا القرار، محذرة من أن الفراغ الذي سيتركه الأوروبيون سيُملأ على الأرجح من طرف روسيا، عبر ميليشيا “فاغنر” أو ما يُعرف بـ”فيلق إفريقيا”، وهو ما قد يعقّد الوضع الجيوسياسي أكثر.

ومع ذلك، يرى التقرير أن التنظيمات الإرهابية تعاني في الوقت الراهن من أزمة داخلية على مستوى القيادة، ما يُعيق قدرتها على التجنيد والتحريض، خاصة بعد فقدان أدواتها الدعائية عقب سقوط ما سُمّي بالخلافة في سوريا، واضطرارها للاعتماد على وسطاء خارجيين لنشر أفكارها.

لكن التهديد لم يتلاشَ بعد، إذ تواصل هذه التنظيمات استغلال شبكات تهريب البشر لإدخال مقاتليها إلى أوروبا، ضمن موجات الهجرة غير النظامية، في مسار محفوف بالمخاطر قد يُجهض مخططاتها قبل أن تُحدث اختراقا فعليا.

وتُحذر الأجهزة الأمنية الإسبانية من أن السواحل الموريتانية قد تتحول إلى بوابة رئيسية لعبور المتطرفين نحو جزر الكناري، نظرا لأن معظم قوارب الهجرة غير الشرعية التي تصل الأرخبيل تنطلق من هذه المنطقة.

في ضوء هذه المعطيات، يطرح مراقبون تساؤلات جوهرية حول مدى مسؤولية جبهة البوليساريو في توفير تربة خصبة للتطرف في منطقة الساحل، خاصة مع تزايد المؤشرات الاستخباراتية التي تكشف عن ارتباط أفراد منها بتنظيمات إرهابية. وهو ما يفتح الباب أمام احتمال تصنيف الجبهة، في مرحلة قريبة، كمنظمة إرهابية تهدد الأمن الإقليمي والدولي.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة