هشام جيراندو: “طيرت عليهم النعاس”.. تأويلات العبارة بين أمن الوطن وطريد الوطن (كاريكاتير)

من المفارقات العجيبة في الحياة أن ما يجلب الرضا عن النفس ويُحقق التوازن بين العمل والراحة عند البعض، هو نفسه ما قد يكون وبالا وسوء مُنقلب لدى البعض الآخر، بحيث ما يُعتبر أرقا وإرهاقا للجسد من منظور “باردين لكتاف” هو شرف مهني يومي تُستخلص، بموجبه، الحقوق وتُقضى حوائج الناس وتُرفع المظالم ويُؤَمن الأشخاص في عِرضهم وممتلكاتهم.  

ومن لا يجدون سُؤلهم في “العمل عبادة” من حيث القصد والإتقان والنفع، فإنهم يتخلفون عن ركب الإنجاز والتأثير أو التأثر. ولقلة الخيارات المتاحة أمامهم، يسلكون، دائما، أيسر السبل بتمركزهم خلف “السادة” وأيقونات الوطن كحجر عثرة. نعم، إن مسماهم الوظيفي البخس “حجر عثرة” يتلقفون الأسماء الوازنة ويجلدونها “تحت الطلب” تنزيلا للأوامر أولا، ثم للاستفادة ثانيا من ألمعيتها.

يشتغل ك”عقارب” الساعة وسبعة أيام في الأسبوع وعلى مدار ال24/24، متنازلا طواعية عن دوره الجوهري كأب وزوج ورب أسرة مدعو لترتيب أركان بيته الصغير، بدل الإبحار دون “سترة النجاة” في عُرض البحر، ناسبا لنفسه ما لا طاقة له به، مدعيا ما لا يفقهه وقاطعا الوعود عما لا يتحوز معرفته الدقيقة.

وبعد سباقات ماراطونية لإثبات “النفس”، نتساءل بصدق، متى ينام الرجل؟؟ هل ينام حقا؟ معقول أن يحظى بنوم هانئ دون أن يزوره شبح الأجهزة الأمنية المغربية؟ إن هشام جيراندو المُنزوي، منذ فترة،  في منفاه الجليدي كالنعجة الجرباء، قد كفى ووفى في إنتاجه العدمي ضد جهازي الأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني إلى درجة “طار عليه النعاس”، إما أرقا متراكما -والشك يُساورنا- أو هوسا عقليا بضرورة الوصول إلى “خط النهاية” كما خُطَّتْ تفاصيلها “سلفا”. وهذا لهو السيناريو الأقرب إلى الحقيقة، على الأرجح.

وفي لحظة قد يستثمر فيها المرء خوفه ويحوله إلى انتصار وهمي على الذات، اختار نصاب كندا أن يقنع نفسه بأن موظفي الأمن الوطني ومراقبة التراب الوطني يتحسسون رؤوسهم، لأنه يتفوه بزُور الكلام في حقهم، ويصنع منهم أبطال رواية “الطواغيت” التي أَلَّفَهَا أكثر من قلم، واقُتبس محتواها لأكثر من مرة وسياق حتى بِتنا جميعا نجد ملامح هشام جيراندو “الضحية” في مقولة الكاتب البريطاني جورج برنارد شو الشهيرة: “عقاب الكاذب ليس بأن لا يُصدقه أحد، لكن بأنه لن يُصدق أحد”، لأن محترفي الكذب هم أكثر الناس توجسا وريبة مما قد يصنعه الفعل بهم إن هم تعرضوا له ولو من باب الإنصاف القدري !!

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة