الصحافية الإسبانية باتريثيا ماجيدي: “ما رأيته في تندوف صادم… والصورة التي ينقلها الإعلام الأوروبي مغلوطة تمامًا”
ضمن أشغال الندوة الدولية والتي نظمتها اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة والنشر بمشاركة 35 من الصحافيين والإعلاميين والخبراء من البلدان الأوروبية والعربية والأفريقية وأمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى عدد من الصحافيات والصحافيين المغاربة، كشفت الصحافية الإسبانية المستقلة باتريثيا ماجيدي، عن معطيات صادمة رصدتها خلال تحقيق ميداني أجرته بمخيمات تندوف، مؤكدة حجم التناقض بين الواقع هناك والصورة التي تسوق في الإعلام الأوروبي، لا سيما الإسباني.
وفي ذات السياق قالت إنها قررت السفر إلى تندوف عام 2018 دون أي بروتوكول رسمي،دفعها فضول مهني وضمير أخلاقي لتقصي الحقيقة، بعد أن أثارتها تساؤلات حول حقيقة أوضاع اللاجئين الصحراويين، وأضافت: “قررت أن أعيش كما يعيش الصحراويون. لكن ما شاهدته كان صادما: رقابة مشددة، تلاعب بالمساعدات الإنسانية، وتضييق ممنهج على الأصوات المعارضة لجبهة البوليساريو.”
ويشار الى ان رحلة الصحافية الاسبانبة لم تكن بالسهولة مما كان،لكونها واجهت عراقيل وصعوبات نتيجة مضايقتها والحيلولة دون الوصول الى قافلة للمساعدات الموحهة لسكان تندوف، بل خضعت لمراقبة مشددة من طرف الجزائريين بمطار وهران.
الصحافية أبرزت في وثائقي أنجزته بعنوان “من تندوف إلى العيون: طريق الكرامة”، وجود تجارة علنية في المساعدات الأوروبية الموجهة لسكان المخيمات، حيث تباع الأدوية والمواد الغذائية المتبرع بها في محلات وصيدليات يديرها مقربون من مسؤولي الجبهة، كما أشارت إلى افتقار المرافق الصحية لأبسط التجهيزات، ووجود ممارسات غير إنسانية ضد معارضين مفترضين، من بينهم معتقلون في ما يسمى بـ”سجن الرشيد”.
وفي هذا الصدد تحدثت ماجيدي عن زيارتها لمدينة العيون بالصحراء المغربية، التي قالت إنها أجرتها أيضا بشكل مستقل، دون مرافقة رسمية، بهدف لقاء صحراويين بعيدا عن التصريحات الرسمية، وقد عبرت عن اندهاشها مما وصفته بـ”الفرق الصارخ” في الظروف المعيشية والحرية والكرامة بين العيون وتندوف، قائلة: “لم أجد مخيمات كما في تندوف، بل مدينة حقيقية يسكنها صحراويون يعيشون حياة طبيعية، يديرون مؤسساتهم، ويتحدثون بلغتهم، ويعبرون عن انتمائهم.”
وتحدتث ماجيدي عن موقف اثار دهشتها وصفته بـ”المعبر”، حين شاهدت نساء صحراويات ومغربيات يتبادلن التحية والعناق في الشارع، وهو ما وصفته بأنه “نسف لصورة العداء التي روجت طويلا في الإعلام الإسباني”.
كما تطرقت في حديثها إلى لقائها مع الشاعر الصحراوي البشير الدخيل أحد مؤسسي جبهة البوليساريو، والذي كشف لها أن الجبهة تحوّلت إلى “شركة خاصة ممولة من المال العام الإسباني”، مشيرا إلى وجود ممارسات مالية غامضة وعدم وجود أي رقابة على الموارد الموجهة إلى المخيمات.
وقالت ماجيدي في الختام أن على الصحافي المهني ان يتحرى الحقيقة ميدانيا والدقة والموضوعية في تناوله للخبر، بعيدا عن رفوف المكاتب والتقارير الجاهزة، داعية إلى دعم الصحافة الحرة والمسؤولة، ومؤكدة أن “الرهائن الحقيقيين هم الصحراويون غير الموالين للبوليساريو، الذين يستعملون كأدوات في لعبة سياسية، تحرمهم من حقوقهم باسم قضية لا تمثلهم.”كما اشارت
الى أن زيارتها للمملكة المغربية بدلت قناعاتها بشكل كلي ، قائلة: “كنت أعتقد أن المغرب هو المعتدي، لكنه في الواقع يحتضن أبناء الصحراء، ويوفر لهم الحياة الكريمة أما الجبهة، فتستغل معاناتهم لطلب الدعم الدولي، دون أن يصل إليهم شيء.”
كما وجهت ماجيدي دعوتها في كلمتها اخيرة إلى وقف تمويل الكيانات غير الخاضعة للمحاسبة، مشيرة إلى أن أموال دافعي الضرائب الأوروبيين يجب أن تذهب لمن يستحقها فعلا، لا أن تستثمر في “آلة دعائية مبنية على الأكاذيب”.