قضاء نظام الكابرانات يطالب بسجن مرشحين للرئاسة الجزائرية 10 سنوات
مدرسة المهداوي وبنكيران.. أجيال تحترف العنف وتشعل الفوضى
في زمن تماهت فيه الحدود بين حرية التعبير والتجييش الأهوج، خرجت جوقة من الأصوات الشعبوية – من سياسيين سابقين ويوتيوبرز وتجار الأزمات – يتقدمهم بنكيران والمهدوي وويحمان وبناجح وغيرهم، لتؤدي دورا خطيرا: ضخ خطاب مسموم يروّج العنف كأنه مقاومة، ويجمّل الشتائم والاتهامات كأنها قمّة الجرأة والفضيلة.حجارة عاشوراء التي انهالت على قوات الأمن في سلا لم تكن فورة غضب عابرة، بل مشهد رمزي يلخص سنوات طويلة من هندسة العداء وتغذية الأوهام. تلك الفوضى خرجت من رحم خطابات شعبوية اعتادت خلط النقد النزيه بتحريض ممنهج يزرع في العقول وهمَ البطولة الكاذبة.لقد تحوّلت منصّات بعينها إلى ساحات ترويج يومي للسموم: بنكيران، الذي استمرّ في سبّ كل مخالف بأقذر النعوت، واصفا من يختلفون معه بالحمير والكلاب والميكروبات والحشرات والمهدوي، الذي لم يجد وصفا لمؤسسات بلاده سوى “المافيا” و”السلاكط”، وغيرهما ممّن يوزّعون تهم العمالة والتصهين على كل صوت رصين. إن تلك الشتائم المسترسلة ليست مجرد كلمات طائشة، بل شحنة شحن متكررة تسلّلت إلى عقول الآلاف حتى صار العنف عندهم وجها آخر للبطولة.حين تكرّر لغة البروباغندا توصيف المجرمين بـ”الأسرى”، وتسمّي إجراءات القانون “اختطافا” و”احتجازا قسريا”، فهي تزرع في الوعي الجمعي أسطورة المقاومة الوهمية. ذلك الوهم الذي صوّر الدولة كيانا محتلا، والقانون مؤامرة، والمؤسسات خصما ينبغي رجم رموزه.ليست المشكلة في حادثة سلا وحدها، بل في هذه الثقافة المريضة التي تشرعن الفوضى وتغلف العنف برداء الكرامة. جيل كامل نشأ على هذا الوهم: خطاب يبرر كل تجاوز، إعلام وهمي يقتات على نظرية المؤامرة، ونخب تصمت خشية خسارة المتابعين.إن أخطر ما في هذا المسار أنه جعل العداء مقبولا بل مطلوبا، وجعل شريحة واسعة تتعامل مع العنف كأنه حق طبيعي.اليوم، وقد تحوّل الشارع إلى مسرح لهذا الجنون، السؤال الحقيقي هو: إلى متى سيظل هذا العبث محميا بشعار حرية التعبير؟ وإلى متى ستبقى هذه التجارة الرخيصة بالغضب بلا حساب؟