قضاء نظام الكابرانات يطالب بسجن مرشحين للرئاسة الجزائرية 10 سنوات
جون بولتون الذي وصفه ترامب بـ”الأحمق”.. يتحول إلى بوق مأجور للنظام الجزائري وداعم إرهاب البوليساريو
لم يعد ظهور جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، في الإعلام الجزائري مجرد صدفة أو اجتهاد تحليلي. فالرجل، الذي ابتعد عن مراكز القرار منذ سنوات، بات يُوظّف صراحة كأداة ضمن لوبي جزائري في واشنطن، لا يتردد في الإدلاء بتصريحات تُخدم الرواية الانفصالية بخصوص قضية الصحراء، في مقابل أدوار مدفوعة ضمن شبكات الضغط السياسي والإعلامي.
بولتون، الذي طالما عُرف بعلاقاته الوثيقة مع لوبيات الحرب وصناعة السلاح، وجد في الملف الجزائري مرتكزا جديدا يعيد من خلاله تدوير حضوره الإعلامي، وإن كان على حساب الحقائق. فالمواقف التي يروج لها في وسائل إعلام جزائرية ليست مجرد اجتهادات سياسية، بل نتاج مباشر لترتيبات مسبقة ضمن أدوات الضغط السياسي التي تعتمدها الجزائر في الولايات المتحدة، وهو ما يفسر الانسجام التام بين ما يقوله وما تنشره صحف جزائرية رسمية مثل “الشروق” و”النهار” ووكالة الأنباء الجزائرية.
ورغم خروجه من المشهد السياسي الأمريكي منذ 2019، حين أقاله دونالد ترامب واتهمه بـ”الغباء” و”كشف أسرار أمنية”، تُقدّمه وسائل الإعلام الجزائرية باستمرار كصوت موثوق من “داخل دوائر القرار الأمريكي”. هذا التهويل المتعمد يتجاهل أن بولتون اليوم مجرد مُحلّل معزول، لا يحظى بأي موقع مؤثر في البيت الأبيض أو الكونغرس، بل إن علاقته بالقيادة الجمهورية متوترة ومكشوفة، خصوصًا مع ترامب الذي سحب منه التصاريح الأمنية وأمر بوقف حمايته الشخصية.
ورغم هذا التراجع، تُنقل عنه تصريحات مثل تلميحه إلى احتمال تغيير موقف ترامب من الاعتراف بمغربية الصحراء، في محاولة لصناعة وهم بوجود تذبذب أمريكي في هذا الملف. ويجري تسويق هذه التصريحات، التي نُشرت في صحف أوروبية معروفة بعدائها للمغرب، كأنها مؤشرات سياسية داخلية أمريكية، في حين أنها ليست أكثر من تحليلات موجهة ومدفوعة الغرض.
الأخطر في الأمر أن الإعلام الجزائري يتجاهل عمدا سجل بولتون المثير للجدل، خصوصا دعمه المتواصل للعدوان الإسرائيلي على غزة، ورفضه الاعتراف بجرائم الإبادة التي ترتكب هناك، فضلا عن مواقفه المتطرفة تجاه إيران، بما في ذلك دعوته العلنية لاغتيال المرشد الإيراني علي خامنئي، في مقال نشره في أغسطس 2024. هذه الخلفية العدائية لا تحظى بأي تغطية في وسائل الإعلام الجزائرية التي تقدم بولتون كـ”صوت محايد” أو “خبير استراتيجي”، فيما هو في الحقيقة أداة صوتية مدفوعة ضمن ماكينة دعائية تخدم أجندة انفصالية واضحة.
أما دعوته الأخيرة إلى تقسيم فلسطين وفق ما سماه “خيار الدول الثلاث”، فهي تجسيد آخر لرؤية بولتون المتطرفة، حيث يدعو إلى محو حق الفلسطينيين في دولة مستقلة، عبر توزيع أراضيهم بين إسرائيل والأردن ومصر. وعلى الرغم من أن هذه الدعوات تناقض بوضوح الرواية الجزائرية بشأن “دعم القضية الفلسطينية”، فإنها تُغض الطرف عنها عندما تصدر من فم “الناطق باسم اللوبي الجزائري”.
وفي مقابل هذا التواطؤ الإعلامي، تُغيب وسائل الإعلام الجزائرية عمدا المواقف الأمريكية الرسمية التي تدعم مقترح الحكم الذاتي المغربي، ومنها دعوة الخارجية الأمريكية في أبريل الماضي إلى استئناف المفاوضات باستخدام المقترح المغربي كإطار وحيد للحل. هذا التغييب لا يُعد خطأ مهنيًا، بل خيارا سياسيا مدروسا في سياق التضليل المتعمد.
في المحصلة، بولتون ليس شاهدًا من أهل البيت الأمريكي، بل موظف صوتي مؤقت في ماكينة ترويج انفصالي، تتجاهل خلفياته ومواقفه المدمّرة من أجل لحظة دعائية مؤقتة، حتى وإن كانت على حساب المبادئ التي تدّعي الجزائر الدفاع عنها.