نظام العسكر الجزائري يطرد ما يسمى بـ “ممثل البوليساريو” في جنيف أوبي بشرايا وصراعات داخل العصابة الانفصالية تنذر بانفجار خطير
في خطوة مفاجئة ودون إصدار أي توضيحات رسمية، قام النظام الجزائري بعزل الموريتاني أوبي بشرايا البشير من منصبه كممثل لما يُعرف بعصابة “البوليساريو” في جنيف. هذه الإقالة لم تكن مجرد إجراء إداري، بل تعكس بوضوح واقع الجبهة التي لا تمتلك قراراتها المستقلة، وإنما تتحرك ضمن أجندة نظام العسكر، الذي يتعامل مع قياداتها كأدوات سياسية قابلة للتغيير حسب مقتضيات الظرف.
كان أُوبي بشرايا يُعتبر من الوجوه البارزة التي علّقت عليها الجبهة آمالًا كبيرة في السنوات الأخيرة، خاصة في ما يتعلق بمحاولة التأثير في المنظمات الدولية، وعلى رأسها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة. إلا أن تحركاته، كسابقيه، لم تحقق أي نتائج ملموسة، في ظل تراجع التأثير الخطابي للجبهة وتزايد التأييد الدولي لمقترح الحكم الذاتي المغربي، الذي بات يُنظر إليه كمبادرة واقعية وعملية لحل النزاع.
هذا التراجع الدبلوماسي للجبهة لا يمكن فصله عن التغيرات السريعة التي تشهدها القارة الإفريقية، سواء من حيث سحب اعترافات الدول بـ”الجمهورية الوهمية” أو تراجع الاهتمام الدولي بالقضية، مما قلّص من مساحة التحرك التي كانت تستغلها الجبهة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
إقالة بشرايا جاءت كذلك لتسلط الضوء على الخلافات الداخلية التي تضرب صفوف البوليساريو، حيث تشير المعطيات إلى وجود صراعات متزايدة بين تيارات داخلية؛ بعضها يدين بولاء تام للقيادة الجزائرية، فيما بدأ البعض الآخر في التعبير عن سخطه من تسييس القضية واستغلالها من طرف نظام شنقريحة.
وتتزامن هذه التوترات مع أجواء من الاحتقان في مخيمات تندوف، حيث تتصاعد أصوات المحتجين ضد الفساد وسوء الإدارة، في وقت تشهد فيه المساعدات الدولية تراجعًا ملحوظا، وتنخفض فيه مستويات التعاطف الدولي مع خطاب الجبهة الذي أصبح متجاوزًا في سياق التحولات الجيوسياسية الراهنة.
في المقابل، يواصل المغرب تعزيز موقعه الدبلوماسي والإقليمي، من خلال دعم متواصل لمبادرته بشأن الحكم الذاتي، وتنفيذ مشاريع استراتيجية في الأقاليم الجنوبية، الأمر الذي يزيد من عزلة البوليساريو، ويضع الجزائر أمام معادلة جديدة لا تخدم استراتيجيتها القديمة. ولعل إقالة بشرايا تعكس بوضوح حجم الإحباط داخل القيادة الجزائرية، التي تجد نفسها مضطرة للتخلي عن رموز فشلت في إضفاء شرعية على دعم سياسي ومادي أصبح عبئًا لا مبرر له في ظل فقدان الجبهة لأي مقومات واقعية أو أخلاقية للاستمرار.