قامات الوطن لا تجالس الدجالين.. جيراندو يواصل السقوط المدوي
في الوقت الذي ينشغل فيه المغرب بمواجهة التحديات الحقيقية للدولة، وتثبيت مكانته كقوة إقليمية صاعدة، يطل علينا بين الفينة والأخرى بعض المهووسين بالشهرة الرخيصة، الذين لا يجدون سبيلاً للفت الانتباه سوى بالتشويش على رموز الوطن ومؤسساته. ومن أبرز هؤلاء، المدعو هشام جيراندو، النصّاب المبتز الذي لفظه المجتمع ووضعه خلف قضبان السجن، لكنه مع ذلك لم يتوقف عن بث سمومه عبر تسجيلات معدة مسبقاً، في مسرحية هزيلة لا تخدع إلا السذج.
آخر فصول هذا العبث، كان نشر فيديو عبر قناة “تحدي” على يوتيوب، حمل عنواناً مثيراً للسخرية: “مقابلتي لمستشار الملك فؤاد عالي الهمة – الجزء الأول”.
أي وقاحة هذه التي تجعل شخصاً مغموراً متورطاً في قضايا الابتزاز والنصب، يزعم لقاء رجل دولة بوزن فؤاد عالي الهمة، مستشار جلالة الملك وأحد أعمدة الحياة السياسية المغربية؟ أليس من العبث أن يُصدق أحد مثل هذا الادعاء السخيف؟
إن فؤاد عالي الهمة، بخبرته ونزاهته وكفاءته، يمثل نموذجاً للرجل الوفي لعرش المملكة، وهو بعيد كل البعد عن مثل هذه الادعاءات المبتذلة. فالتلميح إلى إمكانية أن يجلس مستشار ملكي رفيع المستوى مع شخص مثل جيراندو، ليس فقط كذبة رخيصة، بل هو إهانة لذكاء المغاربة ومحاولة بائسة للمس بمقام المؤسسات.
المثير للشفقة أن جيراندو نفسه بدا مرتبكاً في شريطه، فاقداً للتماسك، متناقض الأقوال، حتى أنه صرّح بأنه غير مهتم إن كان فعلاً التقى فؤاد عالي الهمة أو غيره، بل المهم عنده هو أن يحكي “قصته” وإن كانت كذباً! أي منطق هذا؟ أليس هذا اعترافاً صريحاً بأن الأمر مجرد اختلاق لا أكثر؟
الأدهى من ذلك، أن جيراندو لم يتوقف عند هذه الأكاذيب، بل فتح الباب لهارب آخر من العدالة، المدعو مهدي حيجاوي، ليطل عبر قناته في مشهد جديد من مسرحية الابتزاز. هذه الخطوة تعزز الروايات السابقة بأن جيراندو مجرد بيدق صغير يُستخدم في لعبة قذرة لتشويه صورة المغرب ورجالاته، وأن ما يفعله لا يخرج عن كونه تنفيذاً لإملاءات مشبوهة.
بلغت الوقاحة بجيراندو أن يشكك في قدرات الدولة المغربية نفسها، بادعاء وجود “ارتباك” في مؤسساتها أو عجزها عن ضبط شخص ينتحل شخصية مستشار ملكي. هنا يتضح أن الهدف ليس سوى زرع الشك والتشويش على صورة الدولة، وهو خطاب معروف يُستعمل دوماً من قبل خصوم المغرب وأعدائه. لكن الشعب المغربي أذكى من أن تنطلي عليه هذه الحيل الرخيصة.
حديث جيراندو عن “محاولات اغتياله” أو تتبعه عبر الأقمار الاصطناعية، ليس إلا مسرحية كوميدية مفضوحة، فهل هناك عاقل يصدق أن الدولة أو مؤسساتها ستنشغل بشخص غارق في الفضائح والابتزاز؟ إنها محاولة لإضفاء بطولة زائفة على شخص لا يملك من المقومات سوى الخسة والخداع.
إن الشعب المغربي، بحكمته ووعيه، يعرف تماماً قيمة رجالاته المخلصين، ويدرك أنّ مثل هذه الأكاذيب ليست سوى محاولات يائسة لزرع الشكوك في نفوس المواطنين. ومن هنا، فإن ردّ المغاربة لن يكون سوى الاستمرار في الالتفاف حول مؤسساتهم، والثقة في مستشاري جلالة الملك ومسؤولي الدولة الذين يضحون بالغالي والنفيس لخدمة الوطن.
ليطمئن الجميع، فالمغرب ماضٍ في مساره، لا تزعجه نعيقات الحاقدين ولا أكاذيب المأجورين. وسيظل أمثال جيراندو ومن يقف وراءه مجرد فقاعات في فضاء مليء بالتحديات الحقيقية. فالأوطان تبنى برجال أوفياء، وليس بنصّابين يبحثون عن فتات الشهرة، ومكان أمثال هؤلاء الطبيعي هو حيث يوجد جيراندو الآن: خلف القضبان، ثم إلى مزبلة التاريخ.