هولندا.. استقالة 9 وزراء دفعة واحدة بعد رفض الحكومة معاقبة إسرائيل

شهدت حكومة تصريف الأعمال الهولندية، مساء أمس الجمعة، موجة استقالات غير مسبوقة، بعد إعلان تسعة وزراء انسحابهم من الائتلاف الحاكم، اعتراضًا على رفض الحكومة اتخاذ إجراءات إضافية ضد إسرائيل، في ظل استمرار عدوانها على قطاع غزة وتسارع الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية المحتلة.

وكان وزير الخارجية كاسبار فيلدكامب أول من قدم استقالته، بعد أن عبّر عن فقدانه الثقة في إمكانية الاستمرار بمنصبه، نتيجة اعتراض متكرر داخل مجلس الوزراء على مقترحاته الداعية إلى فرض “إجراءات ذات أهمية” ضد إسرائيل.

وقال فيلدكامب، الذي شغل سابقًا منصب سفير لدى تل أبيب: “الهجوم المدمر على غزة، والتوسع الاستيطاني المتواصل في الضفة الغربية والقدس الشرقية، يجعل من غير المقبول بالنسبة لي الاستمرار في هذا الموقف”.

وتبعته مباشرةً استقالة نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الاجتماعية إيدي فان هيوم، قبل أن يعلن بقية وزراء ووزراء الدولة في حزب “العقد الاجتماعي الجديد” (NSC) انسحابهم الجماعي من الحكومة.

وضمت قائمة المستقيلين وزيرة الداخلية جوديث أوترمارك، وزيرة التعليم إيبو بروينز، وزيرة الصحة دانييل يانسن، ووزيرة الدولة لشؤون التجارة الخارجية هانِكه بورما، ليرتفع عدد المنسحبين إلى تسعة وزراء.

وبهذه الخطوة، بات الائتلاف الحكومي يقتصر على حزبي “الشعب من أجل الحرية والديمقراطية” (VVD) الليبرالي، و”حركة الفلاحين المواطنين” (BBB)، بعد أن خسر أغلبيته البرلمانية، إذ لم يتبق له سوى 31 مقعدًا من أصل 150.

وقبيل استقالته، كان فيلدكامب قد بدأ باتخاذ بعض الإجراءات ضد إسرائيل، شملت إلغاء ثلاث تراخيص تصدير لمعدات بحرية مخصصة لتل أبيب، ومنع دخول الوزيرين الإسرائيليين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش إلى الأراضي الهولندية، بسبب تحريضهما على العنف ضد الفلسطينيين.

من جانبه، أكد نائب رئيس الوزراء المستقيل، فان هيوم، أن الخلاف حول السياسات تجاه إسرائيل كان السبب المباشر في الانسحاب، موضحًا أن مقترحات فيلدكامب كانت تواجه بالرفض مرارًا داخل مجلس الوزراء.

بدورها، قالت زعيمة حزب “NSC”، نيكولين فان فرونهوفن، إن قرار الاستقالة جاء بعد محاولات متكررة لدفع الحكومة نحو موقف أكثر تشددًا تجاه إسرائيل، مضيفة: “وجهنا نداءات عديدة للتحرك، لكن تجاهلها المستمر أجبرنا على اتخاذ هذه الخطوة”.

وأعرب رئيس الوزراء ديك شوف عن “أسفه العميق” إزاء استقالات الوزراء، معلنًا إلغاء زيارة كانت مقررة إلى العاصمة الأوكرانية كييف للقاء الرئيس فولوديمير زيلينسكي، فيما وصف حزب “BBB” انسحاب “NSC” بأنه ترك البلاد “دون قيادة فعلية”.

ولتغطية الشواغر مؤقتًا، أعلنت الحكومة أن وزيرة الشؤون الاجتماعية السابقة، منى كييزر، ستتولى مهام الوزارة مجددًا، فيما تم تكليف وزير البنية التحتية، روبرت تيمان (من حزب BBB)، بإدارة وزارة الصحة، إلى حين إعادة توزيع الحقائب الوزارية.

وتأتي هذه الأزمة السياسية في توقيت حساس، مع اقتراب الانتخابات المقررة في 29 أكتوبر المقبل، ما يزيد من تعقيد المشهد السياسي الهولندي، ويثير تساؤلات بشأن قدرة الحكومة المتبقية على الاستمرار، في ظل تصاعد الغضب الشعبي والأوروبي من مواقفها حيال التصعيد الإسرائيلي.

وكانت هولندا قد شاركت مؤخرًا في بيان مشترك مع 21 دولة أوروبية، دانت فيه مصادقة إسرائيل على مشروع استيطاني كبير في الضفة الغربية، واعتبرته “خرقًا للقانون الدولي وغير مقبول”.

وتزامنت هذه التطورات مع إعلان الأمم المتحدة، الجمعة، حالة المجاعة رسميًا في غزة، مشيرة إلى أن أكثر من نصف مليون فلسطيني يواجهون “جوعًا كارثيًا” نتيجة الحصار والعدوان المتواصل منذ أكتوبر 2023، محمّلة إسرائيل المسؤولية الكاملة عن الأزمة الإنسانية المتفاقمة.

Ahmed Cheikh

منشورات ذات صلة